Al-muntakhab min kutub Shaykh al-Islām
المنتخب من كتب شيخ الإسلام
Publisher
دار الهدى للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Publisher Location
الرياض
Genres
المتقاتلين بالجمل وصفين، كما يقال مثل ذلك في الخوارج المارقين؛ فقد اختلف السلف والأئمة في كفرهم على قولين مشهورين، مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين والإمساك عما شجر بينهم؛ فكيف نسبة هذا بهذا؟!
وأيضًا؛ فالنبي ﷺ أمر بقتال «الخوارج» قبل أن يقاتلوا، وأما «أهل البغي»؛ فإن الله تعالى قال فيهم: ﴿وإنْ طائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلوا فَأصْلِحوا بَيْنَهُما فإنْ بَغَتْ إحْداهُما عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلوا التي تَبْغِي حَتَّى تَفيءَ إلى أمْرِ اللهِ فإنْ فاءَتْ فَأصْلِحوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وأقْسِطوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ (١)؛ فلم يأمر بقتال الباغية ابتداءً، فالاقتتال ابتداءً ليس مأمورًا به، ولكن إذا اقتتلوا أمر بالإصلاح بينهم، ثم إن بغت الواحدة قوتلت، ولهذا قال من قال من الفقهاء: إن البغاة لا يبتدئون بقتالهم حتى يقاتلوا، وأما الخوارج؛ فقد قال النبي ﷺ فيهم: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة» (٢)، وقال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (٣) .
وكذلك مانعو الزكاة؛ فإن الصديق والصحابة ابتدؤوا قتالهم، قال الصديق: والله؛ لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم عليه. وهم يقاتلون إذا امتنعوا من أداء الواجبات وإن أقروا بالوجوب.
ثم تنازع الفقهاء في كفر من منعها وقاتل الإمام عليها مع إقراره بالوجوب؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، كالروايتين عنه في تكفير الخوارج، وأما أهل البغي المجرد؛ فلا يكفرون باتفاق أئمة الدين؛ فإن
(١) الحجرات: ٩.
(٢) تقدم قريبًا.
(٣) تقدم قريبًا.
1 / 158