Al-Mufaṣṣal fī al-qawāʿid al-fiqhiyya
المفصل في القواعد الفقهية
Publisher
دار التدمرية
Edition
الثانية
Publication Year
1432 AH
Publisher Location
الرياض
Genres
وقد بين السيوطي (ت٩١١هـ)، في بعض فتاواه معنى كل من المثيل والشبيه والنظير في الاصطلاح، فذكر أن المماثلة هي المساواة من كل وجه، وأن المشابهة هي الاشتراك في أكثر الوجوه لا كلها، وأن المناظرة يكفي فيها الاشتراك في بعض الوجوه ولو كان وجهاً واحداً(١)، وإذن فهذه الكلمات تتدرج في قوة الاشتراك(٢)، فأقواها المثيل ثم الشبيه ثم النظير، أو أن أخصها المثيل وأعمها النظير، وما بينهما الشبيه(٣).
ونظراً إلى أن المثيل ليس مما ورد في أسماء كتب القواعد فسنقصر الكلام على الشبيه والنظير، إن الذي يبدو أن الأشباه تعتمد أساساً على عنصر المشابهة في الفروع الفقهية.
وبوجه عام، فإن الأشباه، وفق ما هي عليه في كتب القواعد، هي الفروع الفقهية التي أشبه بعضها بعضاً في حكمه، سواء كان لها شبه بأصول أخر أضعف من شبهها بما ألحقت به، أو لم يكن.
(١) نقل سعد الدين التفتازاني (ت٧٩٢هـ) في شرحه للعقائد النسفية عن صاحب البداية من الأشعرية، أن المماثلة هي المساواة من جميع الوجوه، وذكر ما أورده أبو المعين من الماتريدية في (التبصرة) في نقض ذلك، واحتجاجه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل))، وأراد الاستواء في الكيل لا غير، وإن تفاوت الوزن وعدد الحبات والصلابة والرخاوة، قال السعد: الظاهر أنه لا مخالفة، لأن مراد الأشعري المساواة من جميع الوجوه فيما به المماثلة، كالكيل مثلاً. شرح العقائد النسفية، لسعد الدين التفتازاني ص ٢٥١. وانظر هذا الكلام أيضاً في: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، لعبد النبي عبد الرسول الأحمد نكرى ٢٠٩/٣، الذي ذكر ذلك وقال: والحق أن النزاع لفظي.
(٢) من الملاحظ أن أبا هلال العسكري ذكر في كتابه الفروق اللغوية، أن هناك فرقاً بين الشبه والشبيه، وأن الشبه أعم من الشبيه، وأن الشبه يختلف عن المثل، لأن الشبه يستعمل فيما يشاهد، فيقال السواد شبه السواد، ولا يقال القدرة شبه القدرة، كما يقال مثلها. وأن المثل والنظير يختلفان في أن المثيل ما تكافأ في الذات، والنظير ما قابل نظيره في جنس أفعاله، وهو متمكن منها، كالنحوي نظير النحوي، وإن لم يكن له مثل كلامه في النحو وكتبه فيه، ولا يقال النحوي مثل النحوي لأن التماثل يكون حقيقة في أخص الأوصاف وهو الذات. الفروق ص ١٢٥ وما بعدها.
(٣) الحاوي للفتاوي لجلال الدين السيوطي ٢٧٣/٢.
52