Al-Mudarah and Its Impact on Public Relations Among People
المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤) ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م
Genres
الحيلة، والحنكة، والختل.
فقد كان ﵇ لطيف الحيلة فتوصل إلى بغيته بالرفق، والسهولة.
وموسى بني إسرائيل ﵇ في دعوته فرعون وقومه إلى الإيمان بالله وحده، لاقى تعنتًا شديدًا من كافر عنيد، حكمه نافذ في قومه، بل نصّب نفسه ربًّا عليهم، وفرض عليهم عبادته ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص / ٣٨] . وكفر بمعجزات موسى إليه، لم يعتبر بواحدة منها، بل زادته إصرارًا، وتعنتًا، وطغيانًا.
شأنه خطير، وشرّه مستطير، فهذا النوع من البشر عنيد، مكابر، ذو نفوذ، وسلطان واسِعَيْن، لا يتردد، ولا يتورّع عن فعل كلّ ما يمكِّنه من عدوه بكل الوسائل، والطرق.
وقد واجه من يدعوه إلى دعوة تناقض كلّ مبادئه، وتُسفِّه كلّ أمانيه، وأحلامه، فأخذ يتخبّط في أقواله، وأفعاله ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الزخرف / ٥١ - ٥٤] .
إنّ طاغيةً هذا شأنه لن يكون سبيل دعوته إلى ما يخالف معتقده أمرًا سهلًا لبشر لولا عناية، ومشيئة الله. فانتدب الله إليه موسى وأخاه هارون ﵉ ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه / ٤٢ - ٤٤] .
وخطّ لهما أسلوب دعوته، قال تعالى: ﴿هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى. اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى
1 / 285