80

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Investigator

عبد الرحمن عميرة

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

الفرقة الثالثة القادحون في البديهيات فقط أي لا في الحسيات فإنهم معترفون بها قالوا هي أضعف من الحسيات لأنها فرعها وذلك لأن الإنسان في مبدأ الفطرة خال عن الإدراكات كلها فإذا استعمل الحواس في الجزئيات تنبه لمشاركات بينها ومباينات وانتزع منها صورا كلية يحكم على بعضها ببعض إيجابا أو سلبا إما ببديهة عقله كما في البديهيات أو بمعاونة شيء آخر كما في سائر الضروريات والنظريات فلولا إحساسه بالمحسوسات لم يكن له شيء من التصورات والتصديقات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما متعلقا بذلك الحس ابتداء أو بواسطة كالأكمة فإنه لا يعرف حقائق الألوان ولا يحكم باختلافها في الماهية لعدم إحساسه بجزئياتها والعنين فإنه لا يعرف حقيقة لذة الجماع ولا يحكم بمخالفتها لسائر اللذات واعترض بأنه ليس يلزم من كون الإحساس شرطا في حصول حكم عقلي أن يكون الإحساس أقوى من التعقل فإن الاستعداد شرط في حصول الكمال وليس بأقوى منه فلا يلزمنا من قدحنا في البديهيات التي هي فرع القدح في الحسيات التي هي أصل لها ولم يرد بكون البديهيات موقوفة على الحسيات مشروطة بها أنها متفرعة عليها لازمة لها كالنتيجة للقياس حتى يلزم من القدح في لازمها القدح فيها أو من حقيتها حقية لازمها ولهم في ذلك أعني القدح في البديهيات شبه

الشبهة الأولى أجلى البديهيات وأقواها في الجزم قولنا الشيء إما أن يكون أو لا يكون أعني الترديد بين النفي والإثبات بأنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان وأنه غير يقيني

أما الأول وهو كونه أجلى البديهيات وأقواها فلأن المعترفين بها أي بالبديهيات يمثلون لها بهذا الترديد بين النفي والإثبات وثلاثة أخرى تتوقف تلك الثلاثة عليه الأول من تلك الثلاثة المتوقفة عليه قولنا الكل أعظم من الجزء وإلا أي وإن لم يكن أعظم منه فالجزء الآخر معتبر في الكل لأنه جزء الكل وليس بمعتبر فيه لحصول الاكتفاء بالجزء الأول إذ المفروض أن الكل ليس أزيد منه فيجتمع النفي والإثبات

الثاني من تلك الثلاثة قولنا الأشياء المساوية في الكمية مثلا لشيء واحد متساوية في الكمية وإلا أي وإن لم تكن متساوية في الكمية فحقيقتها في الكمية واحدة لمساواتها لذلك الشيء وليست واحدة لاختلافها وعدم تساويها فيها فيجتمع أيضا النفي والإثبات

Page 94