78

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Investigator

عبد الرحمن عميرة

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

الوجه الرابع وهو الدال على غلط الحس في الجزئيات التي نظنها محسوسة وليست بمحسوسة حقيقة أنا نرى الثلج في غاية البياض مع أنه ليس بأبيض أصلا فإنا إذا تأملناه علمنا أنه مركب من أجزاء شفافة لا لون لها وهي الأجزاء المائية الرشية وقولهم سببه أي سبب انا نراه أبيض مداخلة الهواء المضيء بالأشعة الفائضة من الأجرام النيرة للأجزاء الشفافة المتصغرة جدا وتعاكس الأضواء من سطوحها الصغار بعضها إلى بعض فإن الضوء المنعكس يرى كلون البياض ألا ترى أن الشمس إذا أشرقت على الماء وانعكس شعاعها منه إلى الجدار يرى الجدار كأنه أبيض فإذا كثر الانعكاس بين الأجزاء الرشية جدا تخيل ما على سطوحها من الضوء بياضا في الغاية من النمط الأول أي من قبيل بيان أسباب الغلط وقد عرفت أنه لا فائدة فيه على ما قرره وأظهر منه أي من الثلج في الدلالة على غلط الحس الزجاج المدقوق دقا ناعما فإنه يرى أبيض ولا بياض هناك وإنما كان أظهر لأنه لم يحدث له مزاج يحدث ذلك المزاج البياض المشروط به عندهم صلبة يابسة ومتفقة في الصور والكيفيات لا تفاعل بينها لعدم الالتصاق واتفاق الصورة والكيفية فكيف يتصور حدوث المزاج فيه مع كونه مشروطا عندهم بالتفاعل وأما الثلج ففيه أجزاء مائية وهوائية فجاز أن يتوهم فيما بينهما تفاعل وأظهر منهما في الدلالة على غلط الحس موضع الشق من الزجاج الثخين الشفاف فإنه يرى أبيض ولا بياض هناك قطعا إذ ليس ثمة إلا الزجاج والهواء المحتقن في ذلك الشق وشيء منهما غير ملون أي ليس شيء منهما بملون وإنما كان أظهر منهما ليس هناك أجزاء متصغرة يتوهم تفاعلها

Page 92