Al-Mawāqif fī ʿilm al-kalām
المواقف في علم الكلام
Editor
عبد الرحمن عميرة
Publisher
دار الجيل
Edition
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
الوجه الثاني أنا نعقل الماهية الممكنة كالمثلث مثلا مع الشك في وجودها فلا يكون الوجود نفسها ولا جزءها لما سيصرح به لا يقال الشك إنما يتصور في وجودها الخارجي دون الوجود الذهني فإنه أي الوجود الذهني نفس التعقل والتصور فإذا تعقلت الماهية كانت موجودة في الذهن فكيف يشك بعد تعقلها في وجودها الذهني فاللازم مما ذكرتم أن الوجود الخارجي ليس نفس الماهية ولا جزءها والكلام في الوجود المطلق وأنه زائد على الماهية سواء كان وجودا خارجيا أو ذهنيا فالدليل قاصر عن المدعي لأنا نقول على تقدير تسليم الوجود الذهني لا قصور فيه إذ تحقق الوجود الذهني حال كون الماهية معقولة متصورة لا يمنع الشك فيه لأن حصول الشيء في الذهن لا يستلزم تعقل ذلك الحصول والحكم بثبوته له فإن الشعور الشيء غير الشعور بذلك الشعور وغير مستلزم له على وجه لا يشك فيه ولذلك اختلف فيه أي في الوجود الذهني ومن أثبته أثبته ببرهان لا بكونه معلوما بالضرورة ولو كان تحقق الوجود الذهني مانعا من الشك فيه وموجبا للجزم به لما أنكره عاقل ولما احتيج إلى برهان وأيضا فالماهية الخارجية أي المتحققة في الخارج إذا لم تكن معقولة لأحد خالية عن الوجود الذهني فيغايرها فلا يكون نفسها ولا جزءها أيضا فبهذا يتم الجزء الآخر من المدعي ولا يمكن أن يقال الماهية الموجودة في الذهن خالية عن الوجود الخارجي فيكون زائدا عليها أيضا إذ يتوجب عليه أنا لا نسلم حصول الماهية في الذهن وقد قال بعض الفضلاء يعني القاضي الأرموي حاصل الدليل الذي هو الوجه الثاني أنا نعلمه أي الممكن كالمثلث مثلا تصورا فإن هذا معنى كون الماهية الممكنة معقولة ولا نعلمه أي وجود الممكن تصديقا لأن الشك في الوجود ينافي التصديق به لا تصوره فيصير الدليل هكذا نعلم الماهية تصورا ولا نعلم وجودها تصديقا فلا ينتج إذ الوسط غير مكرر وليس له ورود إذ الاستدلال ليس بما توهمه هذا الفاضل بل بأنا نشك في ثبوته أي ثبوت الوجود للماهية المعقولة ولا شيء من الماهية وجزئها مما يشك في ثبوته للماهية لامتناع الشك في ثبوت الشيء لنفسه وفي ثبوت ذاتيته له فلا يكون الوجود نفس الماهية ولا جزءها لكن يرد على هذا أنه إنما لا يجوز الشك في الجزء إذا كانت الماهية معقولة بالكنه ولا نسلم أن شيئا من الماهيات معقول كذلك وأيضا المثال الجزئي لا يصحح قاعدة كلية فيجوز أن يكون بعض مالم نتعقلها من الماهيات بحيث لو تعقلت بخصوصها لم يشك في وجودها فما ذكرتموه إنما يصلح لإبطال قول من ادعى أن كل وجود نفس الماهية لا لإثبات أن كل وجود زائد عليها
الوجه الثالث لو كان الوجود نفس الماهية لما أفاد حمله عليها فائدة معنوية أصلا بل كان يعد هذرا وكان قولنا السواد موجود مع كونه مفيدا فائدة معنوية معتدا بها كقولنا السواد سواد والموجود موجود وهو مما لا يعتد به والأظهر أن يقال وكأن قولنا السواد موجود كقولنا السواد ذو سواد والوجود ذو وجود قيل ولو كان الوجود جزءا لكان قولنا السواد موجود كقولنا السواد لون أو ذو لون وليس فيه فائدة جديدة إذا كان السواد معقولا بالكنه بخلاف حمل الوجود عليه
Page 248