Al-Mawāqif fī ʿilm al-kalām
المواقف في علم الكلام
Editor
عبد الرحمن عميرة
Publisher
دار الجيل
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
قلنا فينتقض ما ذكرتم بالمتضايفين كالأبوة والنبوة فإن العلم بكل منهما وحده من غير أن يعلم معه غيره يستلزم العلم بالآخر مع ثبوت الدوران بينهما من الجانبين ولا شك أنه لا يمكن أن يكون بينهما علية كيف أي كيف لا ينتقض ما ذكرتم ولا يكون باطلا في نفسه ولا كل ما يعلم به وحده غيره علة له أي لذلك الغير فإن كثيرا من الأسباب العادية كذلك مع الاتفاق على أنها غير مؤثرة أصلا ألا ترى أنا إذا علمنا ملاقاة النار للقطن علمنا احتراقه وإن لم نعلم شيئا آخر غير الملاقاة وإذا علمنا أن البدن الصحيح يتناول الغذاء الجيد علمنا حصول الشبع وإن لم نعلم غير التناول مع اتفاقنا على أن الاحتراق والشبع إنما يحصلان بفعل الله تعالى إبتداء من أن يكون للملاقاة والتناول مدخل فيهما بالتأثير وأنت خبير بأن هذا الاتفاق إنما هو بين الأشاعرة وأما المعتزلي فربما خالفهم في ذلك فالأولى أن يقال إن كثيرا من المسببات تعلم من أسبابها وليست عللا لها ولا العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول يعني أن قولكم العلم بالمدار وحده يقتضي العلم بالدائر فيكون علة له مبني على أن ما لا يكون علة لشيء لا يكون العلم به وحده مستلزما للعلم بذلك الشيء وقد أبطلناه وعلى أن العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلوم وسنبين بطلانه في مسألة العالمية في تزييف دليل الفلاسفة على كونه تعالى عالما بالكليات
الثالث الدوران لو لم يفد كون المدار علة للدائر وجاز معه أن يكون الدائر معللا بغير المدار لجاز استناد المتحركية إلى علة غير الحركة مع دوران الأولى على الثانية وجودا وعدما وذلك فتح لباب التشكيك في العلل والمعلولات
قلنا إن سلم التغاير بين المتحركية والحركة أي لا تغاير بينهما عندنا فلا يتصور هناك دوران وعلية ولئن سلمنا كما هو مذهب مثبتي الأحوال فلا نريد بالحركة إلا ما يوجب المتحركية
فإذا قيل لنا جوزوا إسناد المتحركية إلى غير الحركة كان معناه جوزوا أن يكون الموجب للمتحركية غير ما هو موجب لها وفساده ظاهر والحاصل أن العلية ههنا معلومة مع قطع النظر عن الدوران فلا يلزم من القدح في دلالته على العلية القدح في العلية المعلومة بوجه آخر
Page 192