158

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Investigator

عبد الرحمن عميرة

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

والثاني ما يقصد به تصور حقائق موجودة ويسمى تعريفا بحسب الحقيقة إما حدا أو رسما وكلا هذين القسمين لا يتجه عليه منع لأن المتصدي لهما يمنزلة نقاش ينقش لك في ذهنك صورة مفهوم أو موجود فإنه إذا قال مثلا الإنسان حيوان ناطق لم يقصد به أن يحكم على الإنسان بكونه حيوانا ناطقا وإلا لكان مصدقا لا مصورا أي مفيدا للتصديق لا التصور بل أراد بذكر الإنسان أن يتوجه ذهنك إلى ما عرفته بوجه ما ثم شرع في تصويره بوجه أكمل فليس بين الحد والمحدود حكم حتى يمنع فلا يصح أن يقال لا نسلم أن الإنسان حيوان ناطق فإن ذلك يجري مجرى أن يقال للكاتب لا نسلم كتابتك نعم يصح أن يقال لا نسلم أن هذا حد للإنسان أو أن الحيوان جنس له أو أن الناطق فصل له . . إلى غير ذلك فإن هذه الدعاوى صادرة عنه ضمنا وقابلة للمنع فإذا أريد دفعه صعب جدا في الحقائق الموجودة وكان خرط القتاد دونه وإن سهل في المفهومات الإعتبارية وكذا يتجه على الحد النقض والمعارضة فإذا قيل مثلا العلم ما يصح من الموصوف به أحكام الفعل يقال هذا منقوض بالعلم بالواجبات والمستحيلات فإن سلم اتحاد وجود العلم المتعلق بهما فقد اعترف ببطلان حده وفساد نقشه وإلا فلا ويقال أيضا هذا معارض بأنه الإعتقاد المقتضى لسكون النفس فأن سلم الحد الثاني بطل حده وإلا فلا إذ لا تعاند بين مفهومي هذين الحدين بل كان منهما مفهوم على حدة أما إذا قيل الإنسان حيوان ناطق وأريد أن هذا مدلوله لغة أو اصطلاحا كان هذا تعريفا لفظيا وحكما قابلا للمنع الذي يدفع بمجرد نقل أو وجه استعمال ثم إنه يقدم في التعريف الأعم لكونه أظهر عند العقل فتقديمه أولى ولأن الأخص قيد له مخصص إياه فكان تقديمه عليه أنسب وما يقال من أنه واجب في الحد التام محصل لجزئه الصوري حتى إذا أخر الجنس فيه كان حدا ناقصا فليس بشيء إذ ليس للحد التام جزء خارج عن أجزاء الماهية المنحصرة في الجنس والفصل ويحترز فيه عن الألفاظ الغريبة الوحشية التي لا يفهم السامع معناها فيحتاج إلى تفسيرها فتطول المسافة وذلك مما يختلف بالقياس إلى السامعين فإن اصطلاحات كل قوم مشهورة عند أربابها غريبة عند غيرهم وعن المشترك والمجاز بلا قرينة ظاهرة فيتردد السامع حينئذ في المشترك وغيره ويتبادر ذهنه في المجاز إلى غيره وبالجملة فعن كل لفظ غير ظاهر الدلالة على المقصود وذلك لأنه بصدد الإظهار والتوضيح فلا بد من ظهور الدلالة

المقصد الثالث

Page 181