Mawaqif
المواقف في علم الكلام
Investigator
عبد الرحمن عميرة
Publisher
دار الجيل
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
المعرف تجب معرفته قبل معرفة المعرف لأن معرفته طريق إلى معرفته وسبب لها فلا بد أن تتقدمها فيكون غيره إذ لو كان عينه لزم كون الشيء معلوما قبل أن يكون معلوما ويكون أيضا أجلى منه إذ لو ساواه في الجلاء أو كان أخفى منه لم يكن معلوما قبله فلا يعرف هذا تغريع على كونه أجلى أي لا يعرف الشيء بما لا يعرف إلا به فإنه لا يكون أجلى منه سواء توقف معرفته على معرفته بمرتبة واحدة ويسمى دورا صريحا كقولك الشمس كوكب نهاري والنهار زمان كون الشمس طالعة أو أكثر ويسمى دورا مضمرا كقولك الحركة خروج الشيء من القوة إلى الفعل بالتدريج والتدريج وقوع الشيء في زمان والزمان مقدار الحركة ولا بد إشارة إلى شرط آخر للمعرف أي لا بد من أن يساويه في العموم والخصوص ليحصل به التميز إذ لولاه أي لولا كونه مساويا لدخل فيه غير المعرف على تقدير كونه أعم مطلقا أو من وجه فلم يكن مانعا من دخول غير المعرف فيه ولا مطردا وهو أن يكون بحيث كل ما صدق على شيء صدق عليه المعرف أيضا أو خرج عنه بعض أفراده على تقدير كونه أخص إما مطلقا أو من وجه فلم يكن جامعا لجميع أفراد المعرف ولا منعكسا وهو أن يكون بحيث يصدق على كل ما صدق عليه المعرف وأعلم أن اشتراط المساواة في الصدق مما ذهب إليه المتأخرون إذ حينئذ يحصل التميز التام بحيث يمتاز جميع أفراد المعرف عن جميع ما عداها ولا يلتبس شيء منها بغيرها وأما المتقدمون فقد قالوا الرسم منه تام يميز المرسوم عن كل ما يغايره ومنه ناقص يميزه عن بعض ما يغايره وصرحوا بأن المساواة شرط لجودة الرسم كيلا يتناول ما ليس من المرسوم ولا يخلو عما هو منه وجوزوا الرسم بالأعم والأخص وأيد ذلك بأن المعرف لا بد أن يفيد التميز عن بعض الأغيار فإن ما لا يفيد تميز الشيء عن غيره أصلا لم يكن سببا لتصوره وأما التميز عن جميعها فليس شرطا له لأن التصورات المكتسبة كما قد تكون بوجه خاص بالشيء إما ذاتي أوعرضي كذلك قد تكون بوجه عام ذاتي أو عرضي فيجب أن يكون كاسب كل منهما معرفا فالمساواة شرط للمعرف التام دون غيره حدا كان أو رسما ولا بد فيه أي في المعرف من مميز مساو للمعرف فإن كان المميز ذاتيا سمي المعرف حدا وإلا سمي رسما وعلى التقديرين فإن ذكر فيه تمام الذاتي المشترك بينه وبين غيره المسمى بالجنس القريب فتام إما حد تام مركب من الجنس والفصل القريبين وإما رسم تام مركب من الخاصة والجنس القريب وإلا فناقص إما حد ناقص سواء كان بالفصل وحده أو مع الجنس البعيد أو العرض العام عند من يجوز أخذه في الحد وإما رسم ناقص سواء كان بالخاصة وحدها أو مع الجنس البعيد أو العرض العام عند من يجوز أخذه في الرسم والمركب إذا لم يكن بديهي التصور يحد بأجزائه حدا تاما وناقصا دون البسيط فإنه لا يمكن تحديده إذ لا جزء له فإن تركب عنهما عن المركب والبسيط غيرهما ولا يكون ذلك الغير بديهي التصور حد بهما وإلا فلا يحد بهما إذ لم يقعا جزءا لشيء وكل متصور كسبي مركب أو بسيط له خاصة شاملة لازمة بينة بحيث يكون تصورها مستلزما لتصوره يرسم وإلا أي وإن لم تكن له خاصة كذلك فلا يرسم فإن كان ذلك الكسبي الذي له تلك الخاصة مركبا أمكن رسمه التام بتركيب جنسه القريب مع خاصته وإلا فالناقص وههنا نوعان آخران من التعريف الأول التعريف بالمثال سواء كان جزئيا للمعرف كقولك الإسم كزيد والفعل كضرب أو لا يكون جزئيا له كقولك العلم كالنور والجهل كالظلمة وهو بالحقيقة تعريف بالمشابهة التي بين ذلك المعرف وبين المثال فإن كانت تلك المشابهة مفيدة للتميز فهي خاصة لذلك المعرف فيكون التعريف بها رسما ناقصا داخلا في الأقسام الأربعة المذكورة للمعرف وإلا أي وإن لم تكن تلك المشابهة مفيدة للتميز لم تصلح للتعريف بها فليس التعريف بالمثال قسما على حدة ولما كان استئناس العقول القاصرة بالأمثلة أكثر شاع في مخاطبات المتعلمين التعريفات بها
والثاني التعريف اللفظي وهو أن لا يكون اللفظ واضح الدلالة على معنى فيفسر بلفظ أوضح دلالة على ذلك المعنى كقولك الغضنفر الأسد وليس هذا تعريفا حقيقيا يراد به إفادة تصور غير حاصل إنما المراد تعيين ما وضع له لفظ الغضنفر من بين سائر المعاني ليلتفت إليه ويعلم أنه موضوع بإزائه فمآله إلى التصديق وهو طريقة أهل اللغة وخارج عن المعرف الحقيقي وأقسامه الأربعة التي ذكرت وحقه أن يكون بألفاظ مفردة مرادفة فإن لم يوجد ذكر مركب يقصد به تعيين المعنى لا تفصيله وأعلم أن التعريف الحقيقي الذي يقصد به تحصيل ما ليس بحاصل من التصورات ينقسم إلى قسمين
Page 179