============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة قلنا لهم: ولا سواء؛ لأنهم إذا نقلوا إليها عن دار الدنيا وقد أدنوا وتوعدوا وخافوا وعاينوا ما نزل بأعداء الله من العقوبة وذوقوا طعم الامتحان والتعئد فكان ذلك أجمع قد أزال عنهم أكثر الدواعي إلى المعصية وعرفوا فرق ما بين النعمة والبلية، والألم واللذة، وأخرجهم من أن يكونوا قد أبيح لهم، وهم في الجنة والكفر والشتم، ولو أيدوا بالجنة وترك توغدهم وتحذيرهم للعلم بأنهم لا يعصون، وزالث عنهم هذه الأسباب التي بينا، ولم يشاهدوا وقوع بهم ولا بغيرهم ولا تحقق، لم يكن هناك أمو يحظر عليهم الكفر والشتم والجهل؛ لأتهم ليس يكونون محظورا عليهم ذلك بالعلم؛ / لأنهم لا يفعلونه، وإنما يكون ذلك 1/717] محظورا عليهم، ويكون الخالق جل ذكزه لم يتجهموه إذا نهاهم وتوغدهم أو أحظرهم وقوع الوعيد بمن عصا ويحقق الوعذ لمن أطاع، ونحن لم نقل: ان الله عز وجل ترك توغدهم وترهيبهم في الجنة، أو أنه كان غير مبيح لهم المعصية؛ لأنه علم أنهم لا يعصون، بل إنماترك ذلك ليقدم الوعيد والوعد، ولمشاهدتهم وقوعهما بأهلها، وكان في هذين ما يحظر عليهم الكفر ويخرجهم من أن يكونوا قد أبيحوة، وإن لم يحد لهم أمو أو نهي وتوغد وترغيب وترهيب.
قالوا: فإن قال خصومنا: فإن الأطفال والحور العين في الجنة ولم يمتحنوا في دار الدنيا، قيل لهم: إن مشاهدتهم وقوع الوعد والوعيد بأهلها وما صار إليه المؤمنون والكافرون يقوم مقام الترغيب والترهيب والوعد والوعيد ومشاهدة وقوع ذلك، ولو خرجوا من ذلك كان الجهل والشتم قد أبيح لهم ولم يزهدوا فيه بضرب من التزهد.
وقالوا: ووجه آخز، وهو أنهم لو خلقوا في الجنة فكانوا في منزلة التفضل، وهم إذا نقلوا إليها عن الدنياء استحقوها بالعمل، كانوا في منزلة
Page 331