Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab - Takmila al-Subkī - Ṭabaʿat al-Taḍāmun
المجموع شرح المهذب - تكملة السبكي - ط التضامن
Publisher
مطبعة التضامن الأخوي
Publisher Location
القاهرة
Genres
الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَبْضَ الَّذِي حَصَلَ كَانَ قَبْضًا صَحِيحًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَمَّا تَفَرَّقَا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَيَجُوزُ إمْسَاكُهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ تَلِفَ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِ الْقَابِضِ فَالْقَبْضُ صَحِيحٌ لَكِنْ هُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ فَإِذَا أَرَادَ الرَّدَّ فانه بفسخ الْعَقْدَ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ زَادَ الْمَحَامِلِيُّ وَقَامَ الْقَبْضُ الثَّانِي مَقَامَهُ فَهُمَا قَبْضَانِ تَعَقَّبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَمْ يكن في ذلك تفرق قبل القبض يوجه (وَأَمَّا) الثَّانِي فَبَاطِلٌ إذَا وَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَإِنَّهُ قَدْ يُعَيِّنُ بِالْقَبْضِ كَمَا يُعَيِّنُ بِالْعَقْدِ ثُمَّ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ غَيْرَ مَا ابْتَاعَهُ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ يَنْكَسِرُ بِالِاسْتِبْدَالِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا فِيمَا قَالَ وَافْتَرَقَا فِي ذَلِكَ فَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَجَوَابُهُ وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْتَ ذَلِكَ وَجَدْتَهُ جَوَابًا إلْزَامِيًّا فَإِنَّهُمْ وَجَدُوا الْمُزَنِيَّ وَافَقَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِبْدَالُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ هَكَذَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَرَأَيْتُ ذَلِكَ عَيْنَهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَرِيحًا وَوَافَقَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إمْسَاكُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فَلَزِمَهُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَوْ أَنَّ ذَاهِبًا ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مَعِيبًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَانَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ كَانَ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا ذَكَرُوا خِلَافًا فِي السَّلَمِ فِي أَنَّ الْمَعِيبَ الْمَقْبُوضَ هَلْ يُمْلَكُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ أَمْ لَا يُمْلَكُ إلَّا مِنْ حِينِ الرضى بالعيب وخرجوا على ذلك مسائل وكذلك قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا قَبَضَ فِي الصَّرْفِ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ إنَّهُ بَانَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ لَيْسَ ذَلِكَ الْمَوْصُوفَ فِي الذِّمَّةِ فَكَأَنَّ الْقَابِضَ لَمْ يَقْبِضْ وَالْمَجْلِسُ بَعْدُ جَامِعٌ هَذَا تَوْجِيهُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ لِجَوَازِ الْإِبْدَالِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَكَانَ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ يَنْبَغِي إذَا قَبَضَ الْمَعِيبَ فِي عَقْدِ الصرف من غير علم بالعيب أن لا يَمْلِكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا تَفَرَّقَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَالْعُذْرُ عَنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْمَعِيبَ الْمَقْبُوضَ هَلْ يُمْلَكُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ أَوْ من حين الرضى يدل أن لا يُؤْخَذَ بِظَاهِرِهِ بَلْ يَكُونُ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الصَّرْفِ التَّقَابُضُ لَا حُصُولُ الْمِلْكِ بِهِ وَهَذَا التَّقَابُضُ جَرَى صَحِيحًا بِدَلِيلِ حُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ الرِّضَى بِلَا خلاف ولو لم يكن القبض صحيحا لااحتاج إلَى قَبْضٍ ثَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْتَقِيمُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَلَا يَبْقَى تَنَاقُضٌ بَيْنَ مَا جَزَمُوا بِهِ وَبَيْنَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ حُصُولُ التَّقَابُضِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ﵀ فَإِنْ قُلْتَ الصَّرْفُ أضيق من غيره ونص الشرع يقتضى أن لا يَبْقَى بَيْنَهُمَا عُلْقَةٌ أَصْلًا وَالْمِلْكُ أَقْوَى الْعُلَقِ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْأُمُورَ الَّتِي سبق اعتبارها
10 / 122