Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

al-Nawawi d. 676 AH
93

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية

Publisher Location

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ فَمَنْ تَوَضَّأَ بِالنَّبِيذِ فَقَدْ تَرَكَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَلَهُمْ أَسْئِلَةٌ ضَعِيفَةٌ عَلَى الْآيَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا: وَبِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ فِي سُنَنِهِمْ وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَيْعِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ: وَالِاسْتِدْلَالُ مِنْهُ كَالِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْآيَةِ: وَمِنْ القياس كل شئ لَا يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ حَضَرًا لَمْ يَجُزْ سَفَرًا كَمَاءِ الْوَرْدِ: وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَمْ يَجُزْ مَعَ عَدَمِهِ كَمَاءِ الْبَاقِلَّا: وَلِأَنَّهُ شَرَابٌ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ فَأَشْبَهَ الْخَمْرَ وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ كَالْخَلِّ * وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ شُبَهِهِمْ فَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ الْمُحَدِّثِينَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ أبي زيد مولى ابن خريث وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَلَا يُعْرَفُ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اُسْتُطِيرَ أَوْ اُغْتِيلَ فبتنا بشر ليلة بات يا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إذْ هُوَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَقَالَ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ فَثَبَتَ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِ حَدِيثِ النَّبِيذِ بُطْلَانُ احْتِجَاجِهِمْ * وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا مَعَ هَذَا بِأَرْبَعَةِ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ حَدِيثٌ مُخَالِفٌ الْأُصُولَ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: وَالثَّانِيَ أَنَّهُمْ شَرَطُوا لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ السَّفَرَ وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي شِعَابِ مَكَّةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ: الثَّالِثُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ نَبِيذٌ أَيْ مَاءٌ نُبِذَتْ فِيهِ تَمَرَاتٌ لِيَعْذُبَ وَلَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرًا وَهَذَا تَأْوِيلٌ سَائِغٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ تمرة طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ فَوَصَفَ النَّبِيُّ ﷺ شَيْئَيْنِ لَيْسَ النَّبِيذُ وَاحِدًا مِنْهُمَا: فَإِنْ قِيلَ فَابْنُ مَسْعُودٍ نَفَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ وَأَثْبَتَ النَّبِيذَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ مُعَدٌّ لِلطَّهَارَةِ

1 / 94