Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

al-Nawawi d. 676 AH
79

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية

Publisher Location

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ: وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ لُغَةً أُخْرَى فِيهِ أَنْ يُقَالَ مَاهٍ عَلَى الْأَصْلِ وهذا يبطل دعوى لزوم الابدال: وإن ما قال المصنف مياه وأتي يجمع الْكَثْرَةِ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْمَاءِ زَائِدَةٌ عَلَى الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَطَهُورٌ وَنَجَسٌ: وَالطَّهُورُ يَنْقَسِمُ إلَى مَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْأَرْضِ: وَمَاءُ السَّمَاءِ يَنْقَسِمُ إلَى مَطَرٍ وَذَوْبِ ثَلْجٍ وَبَرَدٍ: وَمَاءُ الْأَرْضِ إلَى مَاءِ أَنْهَارٍ وَبِحَارٍ وَآبَارٍ وَمُشَمَّسٍ وَمُسَخَّنٍ ومتغير بالمكث وبما لا يمكن ضونه مِنْهُ وَبِالتُّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِهِ: وَيَنْقَسِمُ الطَّاهِرُ وَالنَّجِسُ أَقْسَامًا مَعْرُوفَةً: وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِكِتَابِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ بَابِ الْمِيَاهِ وَكَذَا فَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِمُنَاسَبَةٍ حَسَنَةٍ ذَكَرَهَا صاحب التتمة وهو أبو سعيد عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ الْمُتَوَلِّي قَالَ بَدَأْنَا بِذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنُ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إله إلا اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَفِي رِوَايَةٍ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فَبَدَأَ ﷺ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِالصَّلَاةِ وَالْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَكَانَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ أَهَمَّ: وَأَمَّا التَّوْحِيدُ فَلَهُ كُتُبٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَهُوَ عِلْمُ الْكَلَامِ وَقَدَّمُوا الصَّوْمَ عَلَى الْحَجِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوبًا مِنْ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كَثِيرِينَ مِمَّنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْفَوْرِ وَيَتَكَرَّرُ وَإِذَا ثَبَتَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ مُقَدِّمَاتِهَا وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ ثُمَّ مِنْ الطهارة أعمها والاصل فيها وهو الماء وبالله التوفيق قَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀ (يَجُوزُ رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَسِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَمَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءُ الْمَطَرِ وَذَوْبُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ ﷿ (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) * (الشرح) قوله ﷿ (وينزل) قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ قِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ: وَالنَّجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ: وَأَمَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ فَالصَّحِيحُ فِي حَدِّهِ أَنَّهُ الْعَارِي عَنْ الْإِضَافَةِ اللَّازِمَةِ وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هُوَ مَا كَفَى فِي تَعْرِيفِهِ اسْمُ مَاءٍ وَهَذَا الْحَدُّ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ﵀ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَقِيلَ هُوَ الْبَاقِي عَلَى وَصْفِ خِلْقَتِهِ وَغَلَّطُوا قَائِلَهُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ الْمُتَغَيِّرُ بِمَا يَتَعَذَّرُ صَوْنُهُ عَنْهُ أَوْ بِمُكْثٍ أَوْ تُرَابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْتَعْمَلِ هَلْ هُوَ مُطْلَقٌ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الْمَاءَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَآخَرُونَ مِنْ مُحَقِّقِي

1 / 80