Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab
المجموع شرح المهذب
Publisher
إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي
Publisher Location
القاهرة
وَغَيْرِهِ فَإِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ جَمْعٌ ثُمَّ جَمْعٌ ثُمَّ جَمْعٌ فَالْكُلُّ يَقَعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَلَوْ أَطْبَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى تَرْكِهِ أَثِمَ كُلُّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ قَرِيبٌ أَمْكَنَهُ الْعِلْمُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ وَلَا يَأْثَمُ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ أَهْلٍ أَوْ لِعُذْرٍ: وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْفِقْهِ وَنَحْوِهِ وَظَهَرَتْ نَجَابَتُهُ فِيهِ وَرُجِيَ فَلَاحُهُ وَتَبْرِيزُهُ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْرَارُ لِقِلَّةِ مَنْ يُحَصِّلُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُضَيِّعَ مَا حَصَّلَهُ وَمَا هُوَ بِصَدَدِ تَحْصِيلِهِ.
وَأَصَحُّهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ الْمَشْرُوعَ فِيهِ عِنْدَنَا إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: وَلَوْ خَلَتْ الْبَلْدَةُ مِنْ مُفْتٍ فَقِيلَ يَحْرُمُ الْمُقَامُ بِهَا وَالْأَصَحُّ لَا يَحْرُمُ إنْ أَمْكَنَ الذَّهَابُ إلَى مُفْتٍ وَإِذَا قَامَ بِالْفَتْوَى إنْسَانٌ فِي مَكَان سَقَطَ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
* وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مَزِيَّةً عَلَى الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ الْأُمَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي هَذَا فِي فَصْلِ تَرْجِيحِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ الْقَاصِرَةِ* (الْقِسْمُ الثَّالِثُ) النَّفَلُ وَهُوَ كَالتَّبَحُّرِ فِي أُصُولِ الْأَدِلَّةِ وَالْإِمْعَانِ فِيمَا وَرَاءَ الْقَدْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ: وَكَتَعَلُّمِ الْعَامِّيِّ نَوَافِلَ الْعِبَادَاتِ لِغَرَضِ الْعَمَلِ لَا مَا يَقُومُ بِهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ تَمْيِيزِ الْفَرْضِ مِنْ النَّفْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* فَصْلٌ قَدْ ذَكَرْنَا أَقْسَامَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ: وَمِنْ الْعُلُومِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ مَا هو محرم أو مكروه ومباح: فَالْمُحَرَّمُ كَتَعَلُّمِ السِّحْرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي الْجِنَايَاتِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وكالفلسفة والشعبذة والتنجيم وعلوم الطبائعبين وكل ما كان سببا لا ثارة الشُّكُوكِ وَيَتَفَاوَتُ فِي التَّحْرِيمِ: وَالْمَكْرُوهِ كَأَشْعَارِ الْمُوَلَّدِينَ الَّتِي فِيهَا الْغَزْلُ وَالْبَطَالَةُ
* وَالْمُبَاحُ كَأَشْعَارِ الْمُوَلَّدِينَ التى ليس فيها سخف ولا شئ مِمَّا يُكْرَهُ وَلَا مَا يُنَشِّطُ إلَى الشَّرِّ ولا ما يثبط عن الخير ولا مَا يَحُثُّ عَلَى خَيْرٍ أَوْ يُسْتَعَانُ بِهِ عليه
* فَصْلٌ تَعْلِيمُ الطَّالِبِينَ وَإِفْتَاءُ الْمُسْتَفْتِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُحُ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةٌ يَصْلُحُونَ فَطُلِبَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمْ فَامْتَنَعَ فَهَلْ يَأْثَمُ ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ فِي الْمُفْتِي وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُمَا فِي الْمُعَلِّمِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي امْتِنَاعِ أَحَدِ الشُّهُودِ وَالْأَصَحُّ لَا يَأْثَمُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَرْفُقَ بِالطَّالِبِ وَيُحْسِنَ إلَيْهِ مَا أَمْكَنَهُ فَقَدْ رَوَى الترمذي باسناده عن أبى هرون الْعَبْدِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ﵁ فَيَقُولُ مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ إنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ وَإِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بهم خيرا
*
1 / 27