153

Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Publisher Location

القاهرة

وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا فِي بَابِ الْغُسْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ قَالُوا وَالْمُرَادُ
نَهْيُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ وَالصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الدَّائِمِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِئَلَّا يَقْذُرَهُ وَقَدْ يُؤَدِّي تَكْرَارُ ذَلِكَ إلَى تَغَيُّرِهِ
* وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُسْتَعْمَلِ فِي إزَالَةِ النجاسة ولكن الفرق ظاهر واقرب شئ يُحْتَجُّ بِهِ مَا احْتَجُّوا بِهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ عُمْدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ ﵃ احْتَاجُوا فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ الْكَثِيرَةِ إلَى الماء ولم يجمعوا المستعمل لا ستعماله مَرَّةً أُخْرَى: فَإِنْ قِيلَ تَرَكُوا الْجَمْعَ لِأَنَّهُ لا يتجمع منه شئ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَسْلَمُ وَإِنْ سَلِمَ فِي الْوُضُوءِ لَمْ يَسْلَمْ فِي الْغُسْلِ: فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَمْعِهِ مَنْعُ الطَّهَارَةِ بِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَالْعَجْنِ وَالتَّبَرُّدِ وَنَحْوِهَا مَعَ جَوَازِهَا بِهِ بِالِاتِّفَاقِ: فَالْجَوَابُ أَنَّ تَرْكَ جَمْعِهِ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِهِ لِلِاسْتِقْذَارِ فَإِنَّ النُّفُوسَ تَعَافُهُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا كَمَا اسْتَقْذَرَ النَّبِيُّ ﷺ الضَّبَّ وَتَرَكَهُ فَقِيلَ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَعَافُهُ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ بِهِ ثَانِيَةً فَلَيْسَ فِيهَا اسْتِقْذَارٌ فَتَرْكُهُ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ
* وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَنَّ السَّلَفَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ هَلْ يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي أَمْ يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَجْمَعُهُ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَلَوْ كَانَ مطهرا لقالوه: فان قيل لانه لا ينجمع منه شئ: فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ الْحَالُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ كَمَا قَدَّمْتُهُ قَرِيبًا: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِالْآيَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا نسلم ان فعولا يَقْتَضِي التَّكَرُّرُ مُطْلَقًا بَلْ مِنْهُ مَا هُوَ كَذَلِكَ وَمِنْهُ غَيْرُهُ وَهَذَا مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: وَالثَّانِي الْمُرَادُ بِطَهُورِ الْمُطَهِّرُ وَالصَّالِحُ لِلتَّطْهِيرِ وَالْمُعَدُّ لِذَلِكَ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ ﷺ فَمَسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَإِسْنَادُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ﵂: وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ ﵁ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ فَذَكَرَ صِفَةَ الْوُضُوءِ إلَى أَنْ قَالَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ

1 / 154