117

Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Publisher Location

القاهرة

فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ فَشَرِبَتْ فَتُعُجِّبَ مِنْهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عليكم أو الطوافات حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا وَرَدَتْ عَلَى الْمَاءِ نَجَّسَتْهُ: وَاحْتَجُّوا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَمِنْ حَيْثُ الِاسْتِدْلَالِ مَا سَبَقَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا يُعْفَى عَنْهَا وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَضَبَطَ الشَّرْعُ بِقُلَّتَيْنِ: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَا يَشُكُّ مُنْصِفٌ أَنَّ السَّلَفَ لَوْ رَأَوْا رَطْلَ مَاءٍ أَصَابَهُ قَطَرَاتُ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوُضُوءَ بِهِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَهُوَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ عَامٌّ وَخَبَرُنَا خَاصٌّ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ: وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى مَا إذَا وَرَدَ الْمَاءُ عَلَى النَّجَاسَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ حَيْثُ النَّصِّ وَهُوَ أَنَّهُ ﷺ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ فِي حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَمَنَعَ ﷺ مِنْ إيرَادِ الْيَدِ عَلَى الْمَاءِ وَأَمَرَ بِإِيرَادِهِ عَلَيْهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا: وَالثَّانِي أَنَّهُ ﷺ أَمَرَ بِإِرَاقَةِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ لِوُرُودِ النَّجَاسَةِ وَأَمَرَ بِإِيرَادِ الْمَاءِ عَلَى الْإِنَاءِ: فَإِنْ قَالُوا الْكَلْبُ طَاهِرٌ عِنْدَنَا قُلْنَا سَنُوَضِّحُ الدَّلَائِلَ عَلَى نَجَاسَتِهِ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْجَوَابُ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّا إذَا نَجَّسْنَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ بِوُرُودِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَشُقَّ لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا ولو نجسنا دون القلتين بوروده على نَجَاسَةً لَشَقَّ وَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يَطْهُرَ شي حَتَّى يُغْمَسَ فِي قُلَّتَيْنِ وَفِي ذَلِكَ أَشَدُّ الْحَرَجِ فَسَقَطَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ ذَكَرْنَاهَا وَبِجَمِيعِهَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَلَى حَسَبِ مَا سَبَقَ وَلَمْ يَرُدَّ مِنْهَا شَيْئًا وَهَذِهِ عَادَتُهُ ﵀ فِي تَمَسُّكِهِ بِالسُّنَّةِ وَجَمْعِهِ بَيْنَ أَطْرَافِهَا وَرَدِّهِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَسَتَرَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي نَظَائِرِ هَذِهِ مِنْ مسائل الخلاف وغيرها من ذلك ما تقربه عَيْنُكَ وَتَزْدَادُ اعْتِقَادًا فِي الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبِهِ فَلَيْسَ الْخَبَرُ الْجُمَلِيُّ كَالْعِيَانِ التَّفْصِيلِيِّ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
(فَرْعٌ)
نَقَلَ أَصْحَابُنَا عَنْ دَاوُد بْنِ عَلِيٍّ

1 / 118