210

Al-Madkhal

المدخل

Publisher

دار التراث

Edition

الأولى

Publisher Location

القاهرة

وَالْكَفَّارَةُ وَتُؤَدَّبُ إنْ عَثَرَ عَلَيْهَا عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فَيَحْتَاجُ الْعَالِمُ أَنْ يَتَبَتَّلَ لِتَعْلِيمِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِلْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] إلَى قَوْلِهِ ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] وَقَالَ ﵊ «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» فَسَوَّى بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ، وَمَا زَالَ السَّلَفُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ تَجِدُ أَوْلَادَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ وَإِمَاءَهُمْ فِي غَالِبِ أَمْرِهِمْ مُشْتَرَكِينَ فِي هَذِهِ الْفَضَائِلِ كُلِّهَا.
أَلَا تَرَى إلَى بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ﵄ لَمَّا أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَكَانَ مِنْ أَحَدِ طَلَبَةِ وَالِدِهَا فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ أَخَذَ رِدَاءَهُ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: إلَى أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ: إلَى مَجْلِسِ سَعِيدٍ أَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ فَقَالَتْ: لَهُ اجْلِسْ أُعَلِّمُكَ عِلْمَ سَعِيدٍ.
وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ ﵀ حِينَ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ فَإِنْ لَحَنَ الْقَارِئُ فِي حَرْفٍ، أَوْ زَادَ، أَوْ نَقَصَ تَدُقُّ ابْنَتُهُ الْبَابَ فَيَقُولُ أَبُوهَا لِلْقَارِئِ ارْجِعْ فَالْغَلَطُ مَعَك فَيَرْجِعُ الْقَارِئُ فَيَجِدُ الْغَلَطَ.
وَكَذَلِكَ مَا حُكِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَأَنَّهُ اشْتَرَى خَضِرَةً مِنْ جَارِيَةٍ وَكَانُوا لَا يَبِيعُونَ الْخَضِرَةَ إلَّا بِالْخُبْزِ فَقَالَ لَهَا: إذَا كَانَ عَشِيَّةً حِينَ يَأْتِينَا الْخُبْزُ فَائْتِينَا نُعْطِيك الثَّمَنَ فَقَالَتْ: ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَقَالَ لَهَا: وَلِمَ فَقَالَتْ: لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ فَسَأَلَ عَنْ الْجَارِيَةِ فَقِيلَ لَهُ إنَّهَا جَارِيَةُ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ كَانَ حَالُهُمْ وَإِنَّمَا عَيَّنْت مَنْ عَيَّنْت تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ عَدَاهُمْ، وَقَدْ كَانَ فِي زَمَانِنَا هَذَا سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَرَأَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْخَتْمَةَ فَحَفِظَتْهَا.
وَكَذَلِكَ رِسَالَةُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ ﵀ وَنِصْفُ الْمُوَطَّإِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَكَذَلِكَ ابْنَتَاهَا قَرِيبَانِ مِنْهَا فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي زَمَانِنَا فَمَا بَالُكَ بِزَمَانِ السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.
وَالْعَالِمُ أَوْلَى مَنْ يَحْمِلُ أَهْلَهُ وَمَنْ يَلُوذُ بِهِ عَلَى طَلَبِ الْمَرَاتِبِ الْعَلِيَّةِ فَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ جُهْدَهُ فَإِنَّهُمْ

1 / 215