18

Al-Kifāya fī ʿilm al-riwāya

الكفاية في علم الرواية

Publisher

جمعية دائرة المعارف العثمانية

Edition

الأولى

Publication Year

1357 AH

Publisher Location

حيدر آباد

بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بِأَنَّهُ كَذِبٌ إِذَا لَمْ يَقَعِ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الضَّرُورَةِ أَوِ الِاسْتِدْلَالِ إِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْتُ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا كَانَ مَرْوِيًّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ وَلَمْ يُعْلَمْ ضَرُورَةً وَلَا قَامَتْ عَلَى صِحَّتِهِ حُجَّةٌ، وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى كَوْنِهِ كَذِبًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَلِمَ صِدْقَهُ لَمْ يُخْلِنَا مِنْ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ وَطَرِيقٍ إِلَيْهِ. يُقَالُ لَهُ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْلِيَنَا مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ وَقَعَ الْخِلَافُ؟ بَلْ مَا أَنْكَرْتَ مِنْ وُجُوبِ كَوْنِهِ صِدْقًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يُخْلِنَا مِنْ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، وَفَى إِخْلَائِهِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ صِدْقٌ، وَلَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: إِنَّ حَالَ الْخَبَرِ فِي هَذَا الْبَابِ كَحَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى وُقُوعِ الْجَائِزِ الْمُمْكِنِ، وَلَوْ وَجَبَ مَا قُلْتَهُ لَوَجَبَ مَتَى عَرِيَتِ الشَّهَادَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا حُكْمٌ فِي الدِّينِ مِنْ دِلَالَةِ الصِّدْقِ أَنْ يُقْطَعَ عَلَى أَنَّهَا كَذِبٌ وَزُورٌ، وَهَكَذَا يَجِبُ مَتَى لَمْ يَدُلَّنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إِيمَانِ الْخُلَفَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالسُّعَاةِ وَكُلِّ نَائِبٍ عَنِ الْأَئِمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَعَلَى عَدَالَتِهِمْ وَطَهَارَةِ سَرَائِرِهِمْ، أَنْ يَجِبَ الْقَطْعُ عَلَى كُفْرِهِمْ وَفِسْقِهِمْ، وَمَتَى لَمْ يَدُلَّنَا عَلَى صِحَّةِ الْقِيَاسِ فِي الْحُكْمِ وَأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى فَسَادِهِ، وَلَا جَوَابَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

1 / 18