al-kharāj
الخراج
Editor
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: كَيْفَ كَانَ فَرْضُ عُمَرَ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَرَضي عَنْهُم
قسْمَة أبي بكر على النَّاس:
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَالٌ؛ فَقَالَ: من كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ عِدَةٌ فَلْيَأْتِ؛ فَجَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرين أَعطيتك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا١ يُشِير بِيَدِهِ؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: خُذْ؛ فَأَخَذَ بكفيه ثمَّ عده فَوَجَدَهُ خَمْسَمِائَةٍ
فَقَالَ: خُذْ إِلَيْهَا أَلْفًا؛ فَأَخَذَ أَلْفًا ثُمَّ أَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَدَهُ شَيْئًا، وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَالِ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ النَّاسِ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى. فَخَرَجَ عَلَى سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ.
فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ جَاءَ مَالٌ كَثِيرٌ هُوَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا. قَالَ فَجَاءَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّكَ قَسَّمْتَ هَذَا الْمَالَ فَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ، وَمِنَ النَّاسِ أُنَاسٌ لَهُمْ فَضْلٌ وَسَوَابِقُ وَقِدَمٌ؛ فَلَوْ فَضَّلْتَ أَهْلَ السَّوَابِقِ وَالْقِدَمِ وَالْفَضْلِ بِفَضْلِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْقِدَمِ وَالْفَضْلِ فَمَا أَعْرَفَنِي بِذَلِك؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهَذَا مَعَاشٌ فَالأُسْوَةُ فِيهِ خير من الأثرة.
مفاضلة عمر ﵁ بَين النَّاس فِي الْقِسْمَة:
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَجَاءَتِ الْفُتُوحُ فَضْلٌ، وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَمَنْ قَاتَلَ مَعَ؛ فَفَرَضَ لأَهْلِ السَّوَابِقِ وَالْقِدَمِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا خَمْسَةَ آلافٍ خَمْسَةَ آلافٍ٢، وَلِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا أَرْبَعَةَ آلافٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ لَهُ إِسْلامٌ كَإِسْلامِ أَهْلِ بَدْرٍ دُونَ ذَلِكَ، أَنْزَلَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلهمْ من السوابق.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْلَى عَمْرَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ: لَمَّا جَاءَت عمر
١ يَعْنِي ثَلَاث مَرَّات وَلذَلِك أعطَاهُ ألفا وَخَمْسمِائة.
٢ أَي لكل وَاحِد خَمْسَة آلَاف.
1 / 53