19

Al-Kharaj

الخراج

Investigator

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Publisher

المكتبة الأزهرية للتراث

Edition Number

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Publication Year

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

وَصَايَا أبي بكر لعمر وَالْمُسْلِمين ﵃: قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ أَوْ ابْنِ سَابِطٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ أَبَا بَكْرٍ ﵁ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَخْلِفُهُ؛ فَقَالَ النَّاسُ: أَتُخَلِّفُ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا، لَوْ قَدْ مَلَكَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ؟ فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ ﵁؟ قَالَ: أَتُخَوِّفُونِي بِرَبِّي؟ أَقُولُ: اللَّهُمَّ أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُدْرِكُكَ. وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَلَنْ تُعْجِزَهُ. إِنَّ لِلَّهِ عَلَيْكَ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ؛ وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلا الْبَاطِلَ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا؛ وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلا الْحَقَّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلا. فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ فَلا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ. وَلا بُدَّ لَكَ مِنْهُ. وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ فَلا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تُعْجِزَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي إِنَّمَا اسْتَخْلَفْتُكَ نَظَرًا لِمَا خَلَّفْتُ وَرَائِي، وَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَأَيْتُ مِنْ أَثَرَتِهِ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلَنَا عَلَى أَهْلِهِ حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَظَلُّ نُهْدِي إِلَى أَهْلِهِ مِنْ فُضُولِ مَا يَأْتِينَا عَنْهُ، وَقَدْ صَحِبْتَنِي فَرَأَيْتَنِي إِنَّمَا اتَّبَعْتُ سَبِيلَ مَنْ كَانَ قَبْلِي: وَاللَّهِ مَا نمت فَحملت وَلا تَوَهَّمْتُ فَسَهَوْتُ، وَإِنِّي لَعَلَى السَّبِيلِ مَا زِغْتُ. وَإِنَّ أَوَّلَ مَا أُحَذِّرُكَ يَا عُمَرُ نَفْسَكَ، إِنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ شَهْوَةً فَإِذَا أَعْطَيْتَهَا تَمَادَتْ فِي غَيْرِهَا. وَاحْذَرْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذين قد انتفحت أَجْوَافُهُمْ وَطَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ وَأَحِبَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّ لَهُمْ

1 / 21