Al-Kharaj
الخراج
Investigator
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition Number
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
الْإِقْرَار بِالزِّنَا:
قَالَ: وَمن أَتَى الإِمَام فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا؛ فَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ حَتَّى يُرَدِّدَهُ فَإِذَا أَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلُّ مَرَّةٍ يردده فِيهَا وَلا يَقْبَلُ مِنْهُ سَأَلَ عَنْهُ: هَلْ بِهِ لَمَمٌ؟ هَلْ بِهِ جُنُونٌ؟ هَلْ فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ يُنْكَرُ؟ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَالرَّجْمُ، وَالَّذِي يَبْدَأُ بِالرَّجْمِ فِي الإِقْرَارِ الإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ بِكْرًا أَمَرَ بِجَلْدِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ؛ هَكَذَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَعَلَ بِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ حِينَ أَتَاهُ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقالك إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى أَتَاهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ؛ فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ بِيَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَصَرَعَهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فِرَارُهُ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ فَقَالَ "هَلا تَرَكْتُمُوهُ؟ "١.
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلَ عَن عقل مَا عز بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: "هَلْ تَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا؟ هَلْ تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا؟ " فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُهُ إِلا وَفِي الْعَقْلِ مِنْ صُلَحَائِنَا فِيمَا نرى.
بِمَ يكون الْإِحْصَان:
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الإِحْصَانِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ مُحْصَنًَا إِلا بِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَلا يَكُونُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ إِحْصَانٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ إِحْصَانٌ، بَعْضُهُمْ يُحْصِنُ بَعْضًا، وَكَذَا جَمِيعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ يَكُونُ تَحْتَهُ الأَمَةُ: أَنَّهَا لَا تُحْصِنُهُ؛ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْجَلْدُ فِي الزِّنَا، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهَا تُحْصِنُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُحْصِنُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْصِنُهَا وَلا تُحْصِنُه. قَالَ: وَأحسن مَا سمعنَا من ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا إِلا بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ، وَإِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مُحْصِنٌ لَهَا وَلَيْسَتْ بِمُحْصِنَةٍ لَهُ.
حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيّ فِي الْحُرِّ يَتَزَوَّجُ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ ثُمَّ يَفْجُرُ، قَالا: يُجْلَدُ وَلَا يرْجم.
١ إِذْ هُوَ الْمُعْتَرف فَيعْتَبر الهروب شُبْهَة وَالْحُدُود تدرأ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَيْسَ الحكم كَذَلِك فِي الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَلَا يرفع عَنهُ الضَّرْب أَو الرَّجْم حَتَّى لَو هرب.
1 / 178