Al-Kharaj
الخراج
Investigator
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition Number
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِي عَلَى الْفَيْءِ الَّذِي هُوَ هُوَ آتٍ وَأَنْتَ فِي عَمَلِكَ؛ فَيُقَالُ لَكَ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا هَلُمَّ إِلَيْكُمْ دُونَ غَيْرِكُمْ، إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ النَّاسَ وَتَرَكَكُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي رَأَيْتَ، وَلِمَ تَرَاهُ فَعَلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَصَرَفَكُمْ عَنِ الْعَمَلِ وَأَرْفَعَكُمْ عَنْهُ وَأَنْتُمْ أَهْلُ ذَلِكَ، أَمْ خَشِيَ أَنْ تَعَاوَنُوا لِمَكَانِكُمْ مِنْهُ فَيَقَعَ الْعِتَابُ عَلَيْكُمْ، وَلا بُدَّ مِنْ عَتَّابٍ؛ فَقَدْ فَرَّغْتَ لِي وَفَرَّغْتُ لَكَ فَمَا رَأْيُكَ؟ قُلْتُ: لَا أَرَى أَنْ أَعْمَلَ لَكَ قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لأَنِّي إِنْ عَمِلْتُ لَكَ وَفِي نَفْسِكَ مَا فِي نَفْسِكَ لَمْ أَبْرَحْ قَذَاةً فِي عَيْنِكَ. قَالَ: فَأَشِرْ عَلَى، قَالَ قُلْتُ: أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ صَحِيحا مِنْك صَحِيحا عَلَيْك.
أظلم النَّاس من ظلم النَّاس للنَّاس:
قالَ: وَحَدَّثَنِي الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دَعَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِذَا لَمْ تُعِينُونِي فَمَنْ يُعِيننِي؟ فَقَالُوا: نَحْنُ نُعِينُكَ؛ فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ائْتِ الْبَحْرَيْنَ وَهَجَرَ أَنْتَ الْعَامَ.
قَالَ: فَذَهَبْتُ فَجِئْتُهُ فِي آخِرِ السَّنَةِ بِغِرَارَتَيْنِ فِيهِمَا خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ﵁: مَا رَأَيْتُ مَالا مجتمعا قطّ أَكثر من هَذَا هَل فِيهِ دَعْوَةُ مَظْلُومٍ أَوْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ أَرْمَلَةٍ؟
قَالَ: قُلْتُ لَا وَاللَّهِ، بِئْسَ وَاللَّهِ الرَّجُلُ أَنَا إِذَنْ إِنْ ذَهَبْتَ أَنْتَ بالهنأ وَأَنَا أَذْهَبُ بِالْمَؤُنَةِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَقَايَا أَهْلِ الشَّامِ قَدِ انْقَطَعَ إِلَى الشَّامِ يَذْكُرُ لَهُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ الأَعْوَانِ عَلَى الْخَيْرِ، وَيَسْأَلُهُ الْمُعَاوَنَةَ لَهُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، بَلَغَنِي كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَذْكُرُ فِيهِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ الأَعْوَانِ عَلَى الْخَيْرِ وَيَطْلُبُ مِنِّي الْمُعَاوَنَةَ.
وَأَعْلَمُ أَنَّكَ إِنَّمَا أَصْبَحْتَ فِي خَلَقٍ بَالٍ وَرَسْمٍ دَارِسٍ، خَافَ الْعَالِمُ فَلَمْ يَنْطِقَ، وَجَهِلَ الْجَاهِلُ فَلَمْ يَسْأَلْ، وَتَسْأَلُنِي الْمُعَاوَنَةَ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ على؛ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ كَانَ يَجْبِي الْعِرَاقُ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ أُوقِيَةٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيْهِ عَشْرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَعَشْرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَشْهَدُونَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ مِنْ طَيِّبٍ مَا فِيهِ ظُلْمُ مُسْلِمٍ وَلَا معاهد.
1 / 127