Al-Kharaj
الخراج
Investigator
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition Number
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
لَا يمْنَع أحد من المَاء وَمَا يمْنَع مِنْهُ:
قَالَ: وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ وَالْقَنَاةِ وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ وَالآثَارِ، وَله أَن منع سَقْيَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْكَرْمِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَجِئْ فِيهِ حَدِيثٌ وَهُوَ يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ؛ فَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْمَوَاشِيَ وَالإِبِلُ وَالدَّوَابُّ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ أَلا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلا صَرَفَ نَهْرَ رَجُلٍ إِلَى أَرْضِهِ فَاخْتَصَمَا قَضَيْتُ بِهِ لِرَبِّ النَّهْرِ وَمَنَعْتُ الَّذِي قَهَرَهُ من صرف مائَة إِلَى أَرْضِهِ مِنْ نَهْرٍ كَانَ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَصْنَعَةٍ١؛ أَلا تَرَى أَنَّ هَذَا يُهْلِكُ حَرْثَ صَاحِبِ الْمَاءِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَقْيِ الْحَيَوَانِ يُجْحِفُ بِصَاحِبِ الْمَاءِ؟ أَلا تَرَى أَنَّ صَرْفَ الْمَاءِ فِي نَهَرِ الْغَاصِبِ يَقْطَعُهُ عَنْ حَرْثِ أَرْضِهِ وَعَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ ونخله وشجره وَأَن شرب الشقة لَا يَقْطَعُ عَنْ ذَلِكَ وَلا يَضُرُّ، وَفَصْلُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِي ذَلِكَ وَالسّنة.
مَا جَاءَ فِي ذَلِك من أَحَادِيث:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَتَبَ غُلامٌ لِعَبْدِ الله بن عمر إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أُعْطِيتُ بِفَضْلِ مَائِي ثَلاثِينَ أَلْفًا بَعْدَ مَا أَرْوَيْتُ زَرْعِي وَنَخْلِي وَأَصْلِي؛ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ أَبِيعَهُ وَأَشْتَرِي بِهِ رَقِيقًا أَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي عَمَلِكَ فَعَلْتُ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ جَاءَنِي كتابك وفهمت مَا كتب بِهِ إِلَيَّ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ لِيَمْنَعَ بِهِ فَضْلَ كَلأٍ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؛ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَاسْقِ نَخْلَكَ وَزَرْعَكَ وَأَصْلَكَ، وَمَا فَضُلَ فَاسْقِ جيارنك الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ وَالسَّلامُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي جُرَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ حِبَّانَ الشَّرْعِيِّ قَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ بِأَرْضِ الرُّومِ نَازِلا، وَكَانَ قَوْمٌ يَزْرَعُونَ حَوْلَ خِبَائِهِ فَطَرَدَهُمْ؛ فَنَهَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَنْ ذَلِكَ وَزَجَرَهُ فَامْتَنَعَ؛ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلاثَ غَزَوَاتٍ أَسْمَعُهُ فِيهَا يَقُولُ: "الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلأِ وَالنَّارِ"؛ فَلَمَّا سَمِعَ الرَّجُلُ ذِكْرَ النَّبِيِّ ﷺ رَقَّ؛ فَأَتَى الرَّجُلُ فَاعْتَنَقَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا تَمْنَعُوا كَلأً وَلا مَاءً وَلا نَارًا؛ فَإِنَّهُ مَتَاعٌ لِلْمُقْوِينَ وَقُوَّةً لِلْمُسْتَضْعَفِينَ".
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ المَاء.
_________
١ شبه الْحَوْض يجمع فِيهَا المَاء.
1 / 109