54

Al-Jāmiʿ al-musnad al-ṣaḥīḥ

الجامع المسند الصحيح

Publisher

مكتبة دار البيان

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Publisher Location

دمشق

Genres

الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ الله بن أُبيٍّ أنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ الله ﷺ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الله، وَقَرَأ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ.
فَقَالَ عَبْدُ الله بن أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ إِنَّهُ لا أحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بن رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ الله فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُخفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ ﷺ دَابَّتهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بن عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا سَعْدُ ألَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أبو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ الله بن أُبيٍّ - قَالَ: كَذَا وَكَذَا».
قَالَ سَعْدُ بن عُبادَةَ: يَا رَسُولَ الله، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالحَقِّ الَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلمَّا أبَى اللهُ ذَلِكَ بِالحقِّ الَّذِي أعْطَاكَ اللهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ الله ﷺ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَأهْلِ الكِتَابِ، كَما أمَرَهُمُ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأذَى، قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] الآيةَ، وَقَالَ ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: ١٠٩] إِلَى آخِرِ الآيةِ.

1 / 59