82

Al-istidʿāf wa-aḥkāmuhu fī al-fiqh al-islāmī

الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي

Publisher

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

فقد أخبر اللَّه "تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم، من الإخراج من أرضهم، والنفي من بين أظهرهم" (١)، فـ "هم لا يقبلون من الرسل والذين آمنوا معهم، أن يتميزوا وينفصلوا بعقيدتهم وبقيادتهم وبتجمعهم الخاص. إنما يطلبون إليهم أن يعودوا في ملتهم، ويندمجوا في تجمعهم، ويذوبوا في هذا التجمع. أو أن يطردوهم بعيدًا وينفوهم من أرضهم. . ولم يقبل الرسل الكرام أن يندمجوا في التجمع الجاهلي، ولا أن يذوبوا فيه، ولا أن يفقدوا شخصية تجمعهم الخاص. . هذا التجمع الذي يقوم على قاعدة أخرى غير القاعدة التي يقوم عليها التجمع الجاهلي" (٢).
وفي قصة شعيب ﵇، قال تعالى: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾ (٣)، "وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة" (٤). وفي قصة لوط ﵇، قال ﷿: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ (٥)، وأخبر سبحانه عما جرى للنبي الكريم ﵊، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (٦) "وكان من صنعه تعالى: أنه أظهر رسوله ونصره، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارًا وأعوانًا وجندا، يقاتلون في سبيل اللَّه، ولم يزل يرقيه اللَّه تعالى من شيء إلى

(١) تفسير القرآن العظيم، ٤/ ٤٨٣.
(٢) في ظلال القرآن، سيد قطب، بيروت: دار الشروق، ط ٧، ١٩٧٨ م، ٤/ ٢١٠١.
(٣) سورة الأعراف، الآية [٨٨].
(٤) تفسير القرآن العظيم، ٣/ ٤٤٨.
(٥) سورة النمل، الآية [٥٦].
(٦) سورة الإسراء، الآية [٧٦].

1 / 86