٦ - الذي يظهر أن مقصود الأشعري بالسكوت الذي نزه الله عنه هو السكوت الدائم بعد الكلام القديم ولا يظهر لي أن قصده أن الله لا يتصف بصفة السكوت التي أجمع عليها السلف فثمة فرق بين مقصده بالسكوت وما أجمع عليه السلف بأن الله يوصف بالسكوت وبأنه صفة من صفات الله الفعلية الاختيارية المتعلقة بمشيئته ﷾ ولا يوجد ثمة تعارض بين إثبات صفة السكوت وبين إثبات صفة الكلام، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع بأن الله يوصف بالسكوت (^١).
٧ - استدلاله ﵀ بقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ … كَانَ … الْبَحْرُ … مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ … قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ (^٢) دليل على ان كلام الله ليس قديمًا ولا منتهيًا؛ فهو عنده غير منتهى، وهذا مخالف لما عليه بعض متأخري الأشاعرة والكلابية، ومن وافقهم.
الملاحظة الثالثة: والأشعري يقول: إن إرادة الله أَزَلِيَّةٌ، ولا يجعلها من صفات الأفعال بأنه يريد في وقت دون وقت، ويقرن الإرادة بالكلام في هذا الباب كما يربطهما جميعًا بالعلم، فكما أن علم الله صفة لذاته وأنه أزلي وأنه لا يجوز أن يقال علم بعد أن لم يكن عالمًا
(^١) انظر مجموع الفتاوى (٦/ ١٧٩).
(^٢) سورة الكهف، آية: ١٠٩.