﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] (١).
[صورة حسية من حلم النبي ﷺ]
وقد بلغ ﷺ في حلمه، وعفوه في دعوته إلى الله - تعالى - الغاية المثالية، والدلائل على ذلك كثيرة جدًّا، منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
١ - عن ابن مسعود ﵁ قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي ﷺ أُناسًا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عُدِلَ فيها، وما أُريدَ بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن النبي ﷺ. فأتيته فأخبرته، فقال: " فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ ! رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (٢).
وهذا من أعظم مظاهر الحلم في الدعوة إلى الله - تعالى - وقد اقتضت حكمة النبي ﷺ أن يقسم تلك الغنائم بين هؤلاء المؤلفة قلوبهم، ويوكل من قلبه ممتلئ بالإيمان إلى إيمانه (٣).
٢ - وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال «بعث علي بن أبي طالب ﵁ إلى رسول الله ﷺ من اليمن بذهيبة (٤) في أديم مقروظ (٥) لم تحصل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن
(١) سورة آل عمران، الآية ١٥٩.
(٢) البخاري مع الفتح بلفظه، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي ﷺ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ٦/ ٢٥١، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه ٢/ ٧٣٩.
(٣) انظر: فتح الباري، شرح صحيح البخاري ٨/ ٤٩.
(٤) أي: ذهب. انظر: فتح الباري ٨/ ٦٨.
(٥) مدبوغ بالقرظ. انظر: فتح الباري ٨/ ٦٨.