264

Al-ḥikma fīʾl-daʿwa ilā Allāh Taʿālā

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Publisher

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ولهذا قال الإِمام الذهبي (١) " إلى فقه مالك المنتهى، فعامة آرائه مسددة " (٢).
ولكن الإِمام مالكًا قد أنصف حينما رسم للناس قاعدة يسيرون عليها، حيث قال: " كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر ﷺ " (٣).
وهذا كلام حكيم وعظيم يدل على أن جميع الناس ليسوا معصومين من الخطأ، إنما الذي قد عُصِمَ في تبليغ الشريعة هو محمد ﷺ.
٣ - والإِمام مالك كان يصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم، ومن ذلك قول الإِمام الشافعي: " كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء، قال: أما إني على بينة من ربي وديني، وأما أنت فشاك، اذهب إلى شاك مثلك فخاصمه " (٤).
وهذا الكلام من الدعوة إلى الله بالحكمة؛ لأن من الناس من يحتاجون إلى الغلظة أحيانًا، ولا يخرج ذلك عن الحكمة؛ لأن الله - تعالى - وهو أحكم الحاكمين - قال لأحكم الناس أجمعين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التحريم: ٩] (٥) وقال: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: ٤٦] (٦).

(١) هو الإِمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ولد ﵀ في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ، بدأ بطلب العلم مبكرًا، ورحل في طلبه، وبرع فيه، ثم عمي قبل موته بأربع سنين أو أكثر بماء نزل في عينيه، وتوفي ﵀ ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة قبل نصف الليل سنة ٧٤٨ هـ، وله آثار علمية بلغت نحوًا من ٢١٥ مؤلفًا ﵀. انظر: البداية والنهاية ١٤/ ٢٢٥، ومقدمة سير أعلام النبلاء ١/ ١٢ - ١٤٠.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء ٨/ ٩٢.
(٣) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ٨/ ٩٣.
(٤) انظر: حلية الأولياء ٦/ ٣٢٤، وسير أعلام النبلاء ٨/ ٩٩.
(٥) سورة التحريم، الآية ٩.
(٦) سورة العنكبوت، الآية ٤٦.

1 / 284