المدينة، وضربت أعناقهم، وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة (١).
وقد سأل الله سعد الشهادة إن كان الله قد وضع الحرب بين النبي ﷺ وبين قريش، وانفجر جرحه ﵁ ومات شهيدًا (٢).
الله أكبر! ما أعظم هذا الرجل وما أحكمه! فقد رَغِبَ في الشهادة، ولكنه سأل الله أن يبقيه إن كان الله لم يضع الحرب بين رسول الله ﷺ وبين قريش، وكذلك سأل الله ﷿ أن لا يميته حتى يقرّ عينه من بني قريظة، فاستجاب الله له، وجعله الذي يحكم فيهم بحكمه، وعندما قال له بعض الأوس: أحسن في مواليك يا أبا عمرو، قال كلمته الحكيمة: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم.
وصدق ﵁، فقد حكم فيهم بحكم الله - تعالى - فقُتِلُوا، وأمكن الله المسلمين من أموالهم ونسائهم وذراريهم، فكان ذلك فتحًا ونصرًا للمسلمين على أعداء الله ورسوله، فرضي الله عنه وأرضاه.
ومن فضل الله عليه أن منّ عليه بالشهادة، وقال النبي ﷺ يوم موته: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ» (٣).
وقد ظهرت حكمته ﵁ في هذا الموقف الحكيم في النقاط التالية:
١ - رغبته في نصرة رسول الله ﷺ وجهاد أعداء الله تعالى.
٢ - ردّه الحكيم المسدّد على قومه عندما راجعوه في بني قريظة.
(١) زاد المعاد ٣/ ١٣٥، وانظر: سيرة ابن هشام ٣/ ٢٥٩، والبداية والنهاية ٤/ ١٢٢، وفتح الباري ٧/ ٤١٤، وانظر: صحيح الترمذي، ٢/ ١١٤.
(٢) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب مرجع النبي ﷺ من الأحزاب ٧/ ٤١٢.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، مناقب سعد بن معاذ ﵁ ٧/ ١٢٣، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ ﵁ ٤/ ١٩١٥.