164

Al-ḥikma fīʾl-daʿwa ilā Allāh Taʿālā

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Publisher

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وفي رواية لمسلم عن سلمة قال: «مررت على رسول الله ﷺ منهزمًا (١) وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله ﷺ: "لقد رأى ابن الأكوع فزعًا". فلما غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه» (٢) فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله ﷿، وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين " (٣).
وقد قال العلماء: إن ركوب النبي ﷺ البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات، ولأنه أيضًا يكون معتمدًا يرجع الناس إليه، وتطمئن قلوبهم به وبمكانه، وإنما فعل هذا عمدًا، وإلا فقد كانت له ﷺ أفراس معروفة.
ومما يدل على شجاعته تقدمه ﷺ وهو يركض بغلته إلى جمع المشركين، وقد فر الناس عنه، ونزوله إلى الأرض حين غشوه مبالغة في الشجاعة والصبر، وقيل: فعل ذلك مواساة لمن كان نازلًا على الأرض من المسلمين، وقد أخبر الصحابة- ﵃ بشجاعته ﷺ في جميع المواطن (٤).
٤ - ومن مواقفه التي تزخر بالحكمة والشجاعة: ما رواه البخاري ومسلم، عن أنس ﵁ قال: «كان النبي ﷺ أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة

(١) قال العلماء: قوله: "منهزمًا" حال من ابن الأكوع، وليس النبي- ﷺ. انظر: شرح النووي ١٢/ ١٢٢.
(٢) شاهت الوجوه، أي: قبحت. انظر: شرح النووي١٢/ ١٢٢.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين٣/ ١٤٠٢.
(٤) انظر: شرح النووي على مسلم١٢/ ١١٤.

1 / 180