فؤادك، والله إن بك من بأس، قال: إنه قد كان قال لي بمكة: أنا أقتلك، فوالله لو بصق عليَّ لقتلني، فمات عدو الله بسرف، وهم قافلون إلى مكة " (١) وعن سهل بن سعد ﵁ أنه سُئلَ عن جرح النبي ﷺ يوم أحد فقال: جُرِحَ وجه النبي ﷺ وكُسِرَت رباعيته، وهُشِمَت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة ﵍ تغسل الدم، وعليٌّ يمسك، فلما رأت أن الدم لا يرتد إلا كثرة أخذت حصيرًا فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألزقته فاستمسك الدم " (٢) وقد حصل له هذا الأذى العظيم الذي ترتج لعظمته الجبال، وهو نبي الله ﷺ ولم يدع على قومه، بل دعا لهم بالمغفرة، لأنهم لا يعلمون.
فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: «كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (٣) فالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- وعلى رأسهم محمد ﷺ قد كانوا (٤) على جانب عظيم من الحلم والتصبر، والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم
(١) انظر: زاد المعاد، لابن القيم٣/ ١٩٩، والرحيق المختوم ص٢٦٣، وروى قصة قتل النبي ﷺ لأبي بن خلف: أبو الأسود عن عروة بن الزير، والزهري عن سعيد بن المسيب. انظر: البداية والنهاية لابن كثير٤/ ٣٢، وكلاهما مرسل، والطبري٢/ ٦٧، وانظر. فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص٢٢٦.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب لبس البيضة٦/ ٩٦، ومسلم، كتاب الجهاد، باب غزوة أحد ٣/ ١٤١٦.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان ٦/ ٥١٤، ١٢/ ٢٨٢، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد، باب غزوة أحد ٣/ ١٤١٧، وانظر: شرحه في الفتح ٦/ ٥٢١، وشرح النووي لصحيح مسلم١٢/ ١٤٨.
(٤) انظر: شرح النووي لمسلم١٢/ ١٤٨.