Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
Genres
Jurisprudence
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّهُ (١) جَازَ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ الدَّلِيلُ الثَّانِي لَجَازَ أَنْ يُوحِيَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ ﵇ بِدَلِيلَيْنِ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَالنَّبِيُّ ﵇ يُشَرِّعُ الْحُكْمَ لِأَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ وَيَذْهَبُ عَنِ الْآخَرِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ الذَّمَّ فِيهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ إِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَإِمَّا بِسُلُوكِ مَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ.
الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا تَحَقُّقَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْمُحْدِثَ لِلدَّلِيلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي غَيْرُ تَارِكٍ لِدَلِيلِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَلَا لِتَأْوِيلِهِمْ، بَلْ غَايَتُهُ ضَمُّ دَلِيلٍ إِلَى دَلِيلٍ وَتَأْوِيلٍ إِلَى تَأْوِيلٍ، وَلَا هُوَ تَارِكٌ لِمَا نَهُوا عَنْهُ مِنَ الدَّلِيلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي، إِذِ الْكَلَامُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ نَهُوا عَنْهُ.
وَالثَّانِي مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى حَمْلِ الْآيَةِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِلْحَاقِ الذَّمِّ بِمَا لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِإِبْطَالِ الْإِجْمَاعِ لَا بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ.
وَعَنِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا مُشْتَرِكَةُ الدَّلَالَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ نَاهِينَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ لَامِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَلَوْ كَانَ الدَّلِيلُ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مُنْكَرًا لَنَهَوْا عَنْهُ، وَلَمْ يَنْهَوْا عَنْهُ فَلَا يَكُونُ مُنْكَرًا.
وَعَنِ السُّنَّةِ أَنَّ ذَهَابَهُمْ عَنِ الدَّلِيلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي مَعَ صِحَّتِهِ إِنَّمَا يَكُونُ خَطَأً أَنْ لَوْ لَمْ يَسْتَغْنُوا عَنْهُ بِدَلِيلِهِمْ وَتَأْوِيلِهِمْ.
وَعَنِ الْمَعْقُولِ أَنَّهُ قِيَاسٌ مِنْ غَيْرِ جَامِعٍ صَحِيحٍ فَلَا يُقْبَلُ، كَيْفَ وَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ تَعْرِيفِهِ (٢) الْحُكْمَ الْوَاحِدَ بِدَلِيلَيْنِ قَدْ كَلَّفَ إِثْبَاتَ الْحُكْمِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا مَانِعَ مِنْ إِثْبَاتِهِ لِلْحُكْمِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا يَلْزَمُ مِنَ امْتِنَاعِ إِثْبَاتِهِ لِلْحُكْمِ بِأَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ مَعَ تَكْلِيفِهِ إِثْبَاتَ الْحُكْمِ بِهِمَا امْتِنَاعُ إِثْبَاتِ الْأُمَّةِ لِلْحُكْمِ بِأَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ كُلِّفُوا بِذَلِكَ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.
(١) فِيهِ سَقْطٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ جَازَ.
(٢) مَعَ تَعْرِيفِهِ - فِيهِ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَعَ عَدَمِ تَعْرِيفِهِ، كَمَا يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ.
1 / 274