Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٢ هـ
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
Genres
Jurisprudence
وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، لَكِنَّ رُبَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ بِالْأَسْمَاءِ الدِّينِيَّةِ.
وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَحُدَّ الْحَقِيقَةَ عَلَى وَجْهٍ يَعُمُّ جَمِيعَ هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتِ قُلْتَ: " الْحَقِيقَةُ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي الِاصْطِلَاحِ الَّذِي بِهِ التَّخَاطُبُ " فَإِنَّهُ جَامِعٌ مَانِعٌ.
وَأَمَّا الْمَجَازُ فَمَأْخُوذٌ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْجَوَازِ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ: جَازَ فُلَانٌ مِنْ جِهَةِ كَذَا إِلَى كَذَا.
وَهُوَ مَخْصُوصٌ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ بِانْتِقَالِ اللَّفْظِ مِنْ جِهَةِ الْحَقِيقَةِ إِلَى غَيْرِهَا.
وَقَبْلَ النَّظَرِ فِي تَحْدِيدِهِ يَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْمَجَازَ قَدْ يَكُونُ لِصَرْفِ اللَّفْظِ عَنِ الْحَقِيقَةِ الْوَضْعِيَّةِ وَعَنِ الْعُرْفِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ إِلَى غَيْرِهَا، كَمَا كَانَتِ الْحَقِيقَةُ مُنْقَسِمَةً إِلَى: وَضْعِيَّةٍ، وَعُرْفِيَّةٍ، وَشَرْعِيَّةٍ.
وَعِنْدَ هَذَا نَقُولُ: مَنِ اعْتَقَدَ كَوْنَ الْمَجَازِ وَضْعِيًّا قَالَ فِي حَدِّ الْمَجَازِ فِي اللُّغَةِ الْوَضْعِيَّةِ: " هُوَ اللَّفْظُ الْمُتَوَاضَعُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي اللُّغَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّعَلُّقِ "، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ كَوْنَهُ وَضْعِيًّا أَبْقَى الْحَدَّ بِحَالِهِ وَأَبْدَلَ الْمُتَوَاضَعَ عَلَيْهِ بِالْمُسْتَعْمَلِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَخْفَى حَدُّ التَّجَوُّزِ عَنِ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ.
وَإِنْ أَرَدْتَ التَّحْدِيدَ عَلَى وَجْهٍ يَعُمُّ الْجَمِيعَ قُلْتَ: " هُوَ اللَّفْظُ الْمُتَوَاضَعُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَوِ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي الِاصْطِلَاحِ الَّذِي بِهِ الْمُخَاطَبَةُ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّعَلُّقِ " وَنَعْنِي بِالتَّعَلُّقِ بَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّجَوُّزِ مُشَابِهًا لِمَحَلِّ الْحَقِيقَةِ فِي شَكْلِهِ وَصُورَتِهِ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُصَوِّرِ عَلَى الْحَائِطِ، أَوْ فِي صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْأَسَدِ عَلَى الْإِنْسَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي صِفَةِ الشَّجَاعَةِ لَا فِي صِفَةِ الْبَخْرِ لِخَفَائِهَا، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ حَقِيقَةً كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُعْتَقِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَيْهِ فِي الْغَالِبِ كَتَسْمِيَةِ الْعَصِيرِ خَمْرًا، أَوْ أَنَّهُ مُجَاوِرٌ لَهُ فِي الْغَالِبِ كَقَوْلِهِمْ: جَرَى النَّهْرُ وَالْمِيزَابُ وَنَحْوُهُ.
1 / 28