174

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٢ هـ

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ قَبِيلِ الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ. فَكَانَ مُتَنَاوِلًا لِلْفِعْلِ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾، وَفِعْلُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي بِهِ، فَكَانَ الْأَخْذُ بِهِ وَاجِبًا. وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوُةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾، وَهَذَا زَجْرٌ فِي طَيِّ أَمْرٍ. وَتَقْدِيرُهُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَهُ فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَأَسَّ بِهِ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَهُوَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾، وَمَحَبَّةُ اللَّهِ وَاجِبَةٌ وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مُتَابَعَةَ النَّبِيِّ ﵇ لَازِمَةٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ، وَيَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أَمْرٌ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ، وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ. وَمَنْ أَتَى بِمِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ عَلَى قَصْدِ إِعْظَامِهِ، فَهُوَ مُطِيعٌ لَهُ وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ تَشْرِيعٌ وَوَاجِبُ الِاتِّبَاعِ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ تَزْوِيجُهُ مُزِيلًا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَرَجَ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ، فَمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ «خَلَعُوا نِعَالَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَمَّا خَلَعَ نَعْلَهُ»، فَفَهِمُوا وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ لَهُ فِي فِعْلِهِ، وَالنَّبِيُّ ﵇ أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ عِلَّةَ انْفِرَادِهِ بِذَلِكَ. وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَفْسَخْ.، فَقَالُوا لَهُ: " مَا لَكَ أَمَرْتَنَا بِفَسْخِ الْحَجِّ وَلَمْ تَفْسَخْ» " فَفَهِمُوا أَنَّ حُكْمَهُمْ كَحُكْمِهِ، وَالنَّبِيُّ ﵇ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ: " لِي حُكْمِي وَلَكُمْ حُكْمُكُمْ بَلْ أَبْدَى عُذْرًا يَخْتَصُّ بِهِ ". وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ ﵇: أَنَّهُ نَهَى الصَّحَابَةَ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ وَوَاصَلَ، فَقَالُوا لَهُ: " «نَهَيْتَنَا عَنِ الْوِصَالِ، وَوَاصَلْتَ " فَقَالَ: " لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ،

1 / 176