Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
باب الآنية
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: " وَيَتَوَضَّأُ فِي جُلُودِ الميتة إذا دبغت " واحتج بقوله ﵇: " أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ " كَذَلِكَ جُلُودُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ السِّبَاعِ إِذَا دُبِغَتْ إِلَّا جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ وَهُمَا حَيَّانِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا بَدَأَ بِأَوَانِي الْجُلُودِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا وَاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يطهر منها، وللكلام فيها مقدمتان.
أحدهما: أَنَّ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ طَاهِرٌ إِلَّا خَمْسَةً: وَهِيَ الْكَلْبُ، وَالْخِنْزِيرُ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ كَلْبٍ وَحَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ خِنْزِيرٍ وَحَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَسَيَأْتِي الدَّلِيلُ عَلَى تَنْجِيسِهَا فِي مَوْضِعِهِ، وَمَا سِوَاهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا مِنْ دَوَابِّهِ وَطَائِرِهِ طَاهِرٌ فِي حَيَاتِهِ.
وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمَيْتَةَ كُلَّهَا نَجِسَةٌ إِلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: وَهِيَ الْحُوتُ، وَالْجَرَادُ وَابْنُ آدَمَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالْجَنِينُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَالصَّيْدُ إِذَا مَاتَ فِي يَدِ الْجَارِحِ بَعْدَ إِرْسَالِ مُرْسِلِهِ، وَسَنَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهَا، وَمَا سِوَاهَا مِنَ الْمَيْتَةِ كُلِّهَا نَجِسَةٌ فَإِذَا ثَبَتَتْ هَاتَانِ الْمُقَدِّمَتَانِ، فَكُلُّ مَا كَانَ طَاهِرًا بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ اسْتِعْمَالُ جِلْدِهِ قَبْلَ دِبَاغِهِ إِلَّا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مُحَرَّمٌ لِحُرْمَتِهِ، وَلَيْسَ لِلْجَرَادِ جِلْدٌ يُوصَفُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَالْحُوتُ فقد يكون لبعضه من البحري جِلْدٌ يُنْتَفَعُ بِهِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَمَا كَانَ مِنْهُ نَجِسًا فِي حَيَاتِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْخَمْسَةِ لَا يَطْهُرُ جِلْدُ شَيْءٍ مِنْهَا بِذَكَاتِهِ وَلَا بِدِبَاغِهِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي ذَائِبٍ وَلَا يَابِسٍ.
وَقَالَ أبو يوسف، وَدَاوُدُ: يَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِهَا بِالدِّبَاغَةِ.
1 / 56