Hawi Kabir
الحاوي الكبير
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْمَنِيَّ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ كَانَ طَاهِرًا لِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ، فَإِنْ لَمْ يُغَيِّرِ الْمَاءَ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ بِمَائِعٍ غَيْرَ الْمَنِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُمَاعُ فِي الْمَاءِ كَالدُّهْنِ، فَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ تَغَيُّرُ مُجَاوَرَةٍ.
قَالَ أَبُو العباس بن العاص: إن الورق في الماء بعد أن ربا فَاسْتِعْمَالُهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْصَرْ فِيهِ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ وَرَقُ الشَّجَرِ مَدْقُوقًا نَاعِمًا فَغَيَّرَ الْمَاءَ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهُ، لِأَنَّهُ تَغَيُّرُ مُخَالَطَةٍ كَالزَّعْفَرَانِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الاسفرايني: يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ تَغَيُّرَ الْمَاءِ بِالْوَرَقِ الْمَدْقُوقِ تَغَيُّرُ مُخَالَطَةٍ، وَتَغَيُّرُهُ بِالْوَرَقِ الصَّحِيحِ تَغَيُّرُ مُجَاوَرَةٍ.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ بِالْمِلْحِ لَمْ يَنْحَلَّ أَنْ يَكُونَ مِلْحَ حَجَرٍ أَوْ مِلْحَ جَمْدٍ فَإِنْ كَانَ مِلْحَ حَجَرٍ فَاسْتِعْمَالُ مَا تَغَيَّرَ بِهِ مِنَ الْمَاءِ غَيْرُ جَائِزٍ، كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِمَا يَنْحَلُّ فِيهِ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ كَالْكُحْلِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِلْحَ جَمْدٍ فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّ أَصْلَهُ مَا قَدْ جَمَدَ، فَإِذَا ذَابَ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ كَالثَّلْجِ إِذَا ذَابَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَالَ عَنِ الْمَاءِ فَصَارَ جَوْهَرًا كَغَيْرِهِ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ بِالْجَمَادِ أَوْ بِطُولِ المكث كان استعماله جائز لِأَنَّهُ تَغَيُّرُ مُجَاوَرَةٍ، فَأَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ بِالتُّرَابِ فَإِنْ صَارَ بِحَيْثُ لَا يُجْزِئُ بِطَبْعِهِ لَمْ يجز استعماله، لأنه صار علينا، وَإِنْ كَانَ جَارِيًا بِطَبْعِهِ لَكِنْ تَكَدَّرَ لَوْنُهُ وَتَغَيَّرَ طَبْعُهُ فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَذْرُورٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الأصح يجوز قَرَارٌ لِلْمَاءِ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا عَنْهُ كَالطِّينِ.
1 / 54