Hawi Kabir
الحاوي الكبير
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَقْسِيمِ الْمِيَاهِ فَجَمِيعُ الْفُرُوعِ مُرَتَّبٌ عَلَيْهَا وَمُسْتَفَادٌ مِنْهَا فَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالْبُرَّ وَالشَّعِيرَ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَغَيَّرَهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَالِهِ صَحِيحًا لَمْ يَنْحَلَّ فِي الْمَاءِ فَاسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ مُجَاوَرَةٍ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ بِالْخَشَبِ وَإِنْ ذَابَ فِي الْمَاءِ وَانْحَلَّ فَاسْتِعْمَالُهُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ مُخَالَطَةٍ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ بِمَذْرُورِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ، وَهَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْحُبُوبِ مِنَ الْأُرْزِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ وَإِنْ طُبِخَ بِالنَّارِ فَإِنِ انْحَلَّتْ فِي الْمَاءِ فَاسْتِعْمَالُهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَلَّ وَلَا تغير بها الماء فَاسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ انْحِلَالِ أَجْزَائِهَا فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا لَوْ يَتَغَيَّرُ بِلَا انْحِلَالٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، لِأَنَّهُ بِالطَّبْخِ صَارَ مَرَقًا.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْقَطِرَانَ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ فغيره فقد قال الشافعي في كتاب الأمم: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنَّ الْقَطِرَانَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
[الْأَوَّلُ]: ضَرْبٌ فِيهِ دُهْنِيَّةٌ فَتَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ، كَمَا لو تغير بدهن.
و[الثاني]: ضَرْبٌ لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ فَتَغَيُّرُ الْمَاءِ فِيهِ مانع من جواز استعماله، كما لو يتغير بِمَائِعٍ.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ بِالشَّمْعِ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ، كَمَا لَوْ تغير بدهن، ولو تغير شحم أُذِيبَ فِيهِ بِالنَّارِ كَانَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّ الشَّحْمَ دُهْنٌ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّ مُخَالَطَةَ الشَّحْمِ لِلْمَاءِ تَجْعَلُهُ مَرَقًا.
وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ بِالْكَافُورِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
حَالٌ يُعْلَمُ انْحِلَالُ الْكَافُورِ فِيهِ فَاسْتِعْمَالُهُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ تَغَيُّرُ مُخَالَطَةٍ.
وَحَالٌ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَنْحَلَّ فِيهِ فَاسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ تَغَيُّرُ مُجَاوَرَةٍ.
وَحَالَةُ شَكٍّ فِيهِ، فَيُنْظَرُ فِي صَفَاءِ التَّغَيُّرِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ الطَّعْمُ دُونَ الرَّائِحَةِ فَهُوَ دال على تغير المخالطة ولا يجوز اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرَ الرِّيحُ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَغْلِبَ فِيهِ تَغَيُّرُ الْمُخَالَطَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَغْلِبُ تَغَيُّرُ الْمُجَاوَرَةِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ.
1 / 53