Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ َ - إِذَا أَتَاهُ رجلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ رجلٍ يُصِيبُ من امرأته ما يَحِلُّ لَهُ مَا يُصِبْهُ مِنِ امْرَأَتِهِ إِلَّا الْجِمَاعَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ َ -: " يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا حَسَنًا " وَهَذَا أَمْرٌ لِسَائِلٍ مُسْتَرْشِدٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ مَا تَضَمَّنَهُ، ثُمَّ الدَّلِيلُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ أَنَّهَا مُمَاسَّةٌ تُوجِبُ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فَوَجَبَ أَنْ تَنْقُضَ الْوُضُوءَ كَالْجِمَاعِ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يُوجِبِ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِهِ، لَمْ يُوجِبِ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى كَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مُلَامَسَةٍ لَوْ قَارَنَهَا انْتِشَارٌ وَجَبَ فِيهَا الطَّهَارَةُ فَإِذَا خَلَتْ عَنِ الِانْتِشَارِ وَجَبَتْ فِيهَا تِلْكَ الطَّهَارَةُ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ فَجَازَ أَنْ يَنْقَسِمَ مُوجِبُهَا إِلَى خَارِجٍ وَمُلَاقَاةٍ كَالْغُسْلِ، لِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْضِي إِلَى نَقْضِ الطُّهْرِ فِي الْغَالِبِ فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ نَقْضُ الطُّهْرِ بِعَيْنِهِ كَالنَّوْمِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ خَبَرَيْ عَائِشَةَ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أوجه.
أحدها: ضعفها وَطَعْنُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِيهِمَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: أَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ فَمُرْسَلٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. وَأَمَّا حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَ الْأَعْمَشُ هُوَ عُرْوَةُ الْمُزَنِيُّ وَلَيْسَ بِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَحُكِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ احْكِ عَنِّي أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ شِبْهُ لَا شَيْءَ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: مَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ غَلِطَ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ إِلَى الْوُضُوءِ.
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَحَمْلُهُ عَلَى الْقُبْلَةِ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ وَبِهَا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَنْطَلِقَ اسْمُ الْقُبْلَةِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
(وَكَمْ مِنْ دمعةٍ فِي الْخَدِّ تَجْرِي ... وَكَمْ مِنْ قبلةٍ فَوْقَ النِّقَابِ)
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ يَدَهَا وَقَعَتْ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
1 / 186