139

Al-Ḥāwī al-Kabīr

الحاوي الكبير

Editor

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1419 AH

Publisher Location

بيروت

أَحَدُهُمَا: يُمْنَعُونَ مِنْهُ كَالْبَالِغِينَ لِأَنَّ مَا لَزِمَتِ الطَّهَارَةُ لَهُ فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ لَزِمَتْهُ الطَّهَارَةُ لَهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْبَالِغِ كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ وَيَجُوزُ لَهُمْ حَمْلُهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ طَهَارَتَهُمْ غَيْرُ كَامِلَةٍ بِخِلَافِ الْبَالِغِ فَلَمْ يَلْزَمْهُمْ فِي حَمْلِهِ مَا لَيْسَ بِكَامِلٍ مِنَ التَّطْهِيرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي مَنْعِهِمْ مِنْهُ مَعَ مَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْمَشَقَّةِ لِتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فِي حَمْلِهِ مَعَ مُدَاوَمَةِ الْحَدَثِ مِنْهُمْ ذَرِيعَةٌ إِلَى تَرْكِ تَعْلِيمِهِ فَيُرَخَّصُ لَهُمْ حَمْلُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْمُحْدِثُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَصَفَّحَ أَوْرَاقَ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ تَصَفَّحَهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ جاز، ولو تصحفها بِكُمِّهِ الْمَلْفُوفِ عَلَى يَدِهِ لَمْ يَجُزْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ كُمِّهِ وَالْعُودِ أَنَّهُ لَابِسٌ لِكُمِّهِ وَاضِعٌ ليده عليه فجرى مجرى المباشرة، والعود باين منه وهو غير منسوب إلى مباشرته.
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا إِنْ كَتَبَ مُصْحَفًا فَإِنْ كَانَ حَامِلًا لِمَا يُكْتَبُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَامِلٍ لَهُ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا جَازَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كِتَابَتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ تِلَاوَتِهِ وَلِلْمُحْدِثِ أَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ التَّالِي لَهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَغْلَظُ حَالًا مِنَ الْكِتَابَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ كَتَبَ الْفَاتِحَةَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ تِلَاوَتِهَا، فَجَازَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ، وَإِنْ لَمْ يَتْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مسألة: حكم قراءة الجنب وغيره القرآن)
قال الشافعي ﵁: " وَلَا يُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إِلَّا جُنُبٌ، قال أبو إبراهيم: إن قدم الوضوء وأخر يعيد الوضوء والصلاة ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَجَوَّزَ لَهُمْ دَاوُدُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَقْرَأَ دُونَ الْجُنُبِ، وَاسْتَدَلَّ دَاوُدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) ﴿المزمل: ٢٠) . فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ، وَرِوَايَةُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - كان يذكر الله على كل أحيائه، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا حَسَدَ إِلَا فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ورجلٍ آتَاهُ اللَهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ " وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

1 / 147