Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
وَمِنْهَا وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ بِتَغْطِيَتِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْأُذُنَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الرَّأْسِ مَا سِوَى الْمَسْحِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمُ الْمَسْحِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنِ الْبَيَاضُ الْمُحِيطُ بِالْأُذُنِ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ قُرْبِهِ فَلِأَنْ لَا تَكُونَ الْأُذُنُ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ بُعْدِهَا أَوْلَى.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ: " الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ ". فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَاوِيَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَشَهْرٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ خَرَفَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ فَخَلَطَ فِي حَدِيثِهِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ فِي حَالِ الْخَرِيطَةِ مَا أُنْشِدَ فِيهِ مِنَ الشِّعْرِ مَا أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْ ذِكْرِهِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ قَالَ: لَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَوْ أَبِي أُمَامَةَ، وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ أَنَّهُ إِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْسَحَانِ كَمَسْحِ الرَّأْسِ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) ﴿الأعراف: ١٥٠) . أَيْ بِأُذُنِهِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ يَدْفَعُونَ عَنْهُ بِالظَّاهِرِ مِنَ اسْمِ الرَّأْسِ.
وَأَمَّا قياسهم على إجزاء الرأس فالمعنى فيه أنه محل لفرض الْمَسْحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأُذُنَانِ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ مَنْ ذَهَبَ بِأَنَّهُمَا مِنَ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، فَالْوَجْهُ إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْجُمْلَةِ وَالذَّاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ (الرحمن: ٢٧) . وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ الْوَجْهِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - نَهَى عَنِ الْكَيِّ فِي الْوَجْهِ وَأَبَاحَ الْكَيَّ فِي الْأُذُنِ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا مُفْرَدَةٌ بِمَاءٍ جَدِيدٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَمْسَحَهُمَا مَعًا بِيَدَيْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُقَدِّمُ يُمْنَى عَلَى يُسْرَى وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ عُضْوَانِ لَا تُقَدَّمُ الْيُمْنَى مِنْهُمَا عَلَى الْيُسْرَى غَيْرَ الْأُذُنَيْنِ ثُمَّ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ لِرِوَايَةِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ بماءٍ جَدِيدٍ ".
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
1 / 122