Al-Hadith al-Mawdu'i - Madinah University
الحديث الموضوعي - جامعة المدينة
Publisher
جامعة المدينة العالمية
Genres
تصنع لأخرق قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تدع الناس من الشر؛ فإنها صدقة تتصدق بها على نفسك».
فالسؤال في الحديث من أبي ذر ﵁ عن أفضل الأعمال فأجابه ﷺ بأن الإيمان هو أفضل الأعمال، ثم يتبعه بعد ذلك الجهاد، ثم إلى آخر الحديث.
جعل ﷺ الإيمان عملًا من الأعمال، بل هو أفضل الأعمال، ثم بعد ذلك الجهاد في سبيل الله تعالى، ثم بعد ذلك تظهر أثار الإيمان على المؤمن، فيعتق أغلى الرقاب ثمنًا وأنفسها، أي: أغلاها عنده ثم يعين ذا الحاجة، ويُعَلِّمُ من لم يحسن الصنعة كيف يصنع، ويرفع أذاه وشره عن الناس.
ولقد جاءت أحاديث تبين أن الإيمان تصديق وقول وعمل، وإن كان في هذه الأحاديث بعض الضعف إلا أنها يستأنس بها؛ فإنها ثبتت في الأحاديث الصحيحة أوردناها، والتي هي من رواية إمام أهل الحديث -الإمام البخاري- ما يدل على أن الإيمان تصديق، وقول وعمل؛ فمن هذه الأحاديث روى ابن ماجه، والطبراني في (المعجم الكبير) عن علي ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان».
وروى الشيرازي في (الألقاب) عن عائشة ﵂: «الإيمان بالله الإقرار باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالأركان» هذان الحديثان رواهما الإمام السيوطي في (الجامع الصغير) وأسندهما إلى ما ذكرت من مصادر للحديث.
ومما يدل على أن الإيمان عقيدة وعمل وإقرار، ما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك ﵁ قال: «نهينا أن نسأل رسول الله ﷺ عن شيء؛ فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله، ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله
1 / 46