الْفَصْلُ أَقْصَدُ الطَّرَائِقِ، وَأَسَدُّ الْمَسَالِكِ إِلَى مَدَارِكِ الْحَقَائِقِ. وَقَدْ نَجَزَ الْفَصْلُ الثَّانِي.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ في الرد على من يجوز التأديب والتعزير بمصادرة الأموال]
فَأَمَّا: الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٤٠٩ - فَمَضْمُونُهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَرَى تَعْزِيرَ الْمُسْرِفِينَ الْمُوغِلِينَ بِاتِّبَاعِ الشُّبُهَاتِ، وَاقْتِرَافِ السَّيِّئَاتِ، وَاتِّبَاعِ الْهَنَاتِ بِالْمُصَادَرَاتِ، مِنْ غَيْرِ فَرْضِ افْتِقَارٍ وَحَاجَاتٍ.
وَهَذَا مَذْهَبٌ جِدًّا رَدِيٌّ، وَمَسْلَكٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، فَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ اقْتِحَامَ الْمَآثِمِ يُوَجِّهُ إِلَى مُرْتَكِبِيهَا ضُرُوبَ (١٥٣) الْمَغَارِمِ، وَلَيْسَ فِي أَخْذِ أَمْوَالٍ مِنْهُمْ أَمْرٌ كُلِّيٌّ، يَتَعَلَّقُ بِحِفْظِ الْحَوْزَةِ، وَالذَّبِّ عَنِ الْبَيْضَةِ، وَلَيْسَ يَسُوغُ لَنَا أَنْ نَسْتَحْدِثَ وُجُوهًا فِي اسْتِصْلَاحِ الْعِبَادِ، وَجَلْبِ أَسْبَابِ الرَّشَادِ، لَا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ هَذَا يَجُرُّ خَرْمًا عَظِيمًا، وَخَطْبًا هَائِلًا جَسِيمًا.
٤١٠ - فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ذَكَرْتَ تَسْوِيغَ وَظَائِفَ لَمْ يَحُمْ عَلَيْهَا طَائِفٌ، فَكَيْفَ تَأْبَى التَّهْذِيبَ وَالتَّأْدِيبَ بِقَطْعِ مَادَّةِ الْفَسَادِ