35

Durr Mandud

الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

Investigator

بوجمعة عبد القادر مكري ومحمد شادي مصطفى عربش

Publisher

دار المنهاج

Edition Number

الأولى

Publication Year

1426 AH

Publisher Location

جدة

ينعطف في ركوعه وسجوده.. استعير لمن ينعطف على غيره حنوّا عليه وترؤّفا، كعائد المريض في انعطافه عليه، والمرأة في حنوّها على ولدها، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤّف، ومنه قولهم: «صلى الله عليك» أي: ترحّم وترأّف) اهـ «١»، والراغب حيث قال: (هي التزكية) «٢» .
وأخرج الطبراني في «الأوسط» و«الصغير» حديثا يومىء إليه، وهو:
«قلت: يا جبريل؛ أيصلي ربّك جلّ ذكره؟ قال: نعم، قلت: ما صلاته؟
قال: سبّوح قدّوس، سبقت رحمتي غضبي» «٣»، وهذا السياق صريح في أن (سبّوح قدّوس) من كلامه تعالى؛ تنزيها لنفسه بنفسه، ولا بعد فيه، وكأنه أعجم على من زعم أنه من كلامه ﷺ قدّمه تنزيها بين يدي إخباره بصلاته تعالى على عبيده؛ حذرا من أن يتوهّم منه ما لا يليق به تعالى.
واعترض هذا القول «٤» بأنه تعالى غاير بينهما بقوله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ.
وبأن الصحابة ﵃ لولا فهموا المغايرة بينهما.. ما سألوا عن كيفية الصلاة، مع كونهم علّموا الدعاء بالرحمة في التشهد: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، وأقرهم ﷺ، وإلا.. لقال لهم: قد علمتم ذلك؟!
وبأن (رحم) متعدّ، و(صلى) قاصر، ولا يحسن تفسير القاصر بالمتعدي.
وبأنه يستلزم جواز: (رحم عليه) .

(١) الكشاف (٣/ ٥٥٥) .
(٢) مفردات ألفاظ القرآن، مادة (صلا) .
(٣) المعجم الأوسط (١١٤)، المعجم الصغير (٤٣) .
(٤) أي: القول بأنها الرحمة.

1 / 41