161

Al-Dhukhruʾl-Ḥarīr bi-sharḥ Mukhtaṣar al-Taḥrīr

الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير

Editor

وائل محمد بكر زهران الشنشوري

Publisher

(المكتبة العمرية - دار الذخائر)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

(الأَحْكَامُ)
لَمَّا فَرَغَ مِن ذِكْرِ ما يُستَمَدُّ منه منَ اللُّغةِ، شَرَعَ في ذِكْرِ ما يُستَمَدُّ مِنه مِن الأحكامِ؛ إذْ لا بدَّ مِن حاكمٍ وحُكْمٍ ومحكومٍ فيه ومحكومٍ عليه، والكلامُ الآنَ في الحُكمِ: (الحُسْنِ وَالقُبْحِ (^١) ويُطلَقُ لثلاثةِ اعتباراتٍ:
أحدُها: (بِمَعْنَى مُلَاءَمَةِ الطَّبْعِ وَمُنَافَرَتِهِ) عقليٌّ، كقولِنا: الصَّوتُ الطَّيِّبُ حَسَنٌ بهذا المعنى، والصوتُ الكريهُ قبيحٌ.
(وَ) أي: والثَّاني: بِمَعْنَى (صِفَةِ كَمَالٍ وَنَقْصٍ) كقولِنا: العِلْمُ حَسَنٌ، والجهلُ قبيحٌ: (عَقْلِيٌّ) بلا نزاعٍ، يَعني يَستقِلُّ العَقلُ بإِدراكِهما مِن غيرِ توقُّفٍ على الشَّرعِ.
(وَ) الثَّالثُ: (بِمَعْنَى المَدْحِ وَالثَّوَابِ، وَ) بمَعنى (الذَّمِّ وَالعِقَابِ: شَرْعِيٌّ، فَلَا حَاكِمَ إِلَّا اللهُ تَعَالَى).
(وَالعَقْلُ لَا يُحَسِّنُ وَلَا يُقَبِّحُ، وَلَا يُوجِبُ، وَلَا يُحَرِّمُ) عندَ أكثرِ أصحابِنا، قالَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، وذَكَرَه مذهبَ أحمدَ، وأهلِ السُّنَّة، والفقهاءِ، والقاضي (^٢)، وتَعَلَّقَ بقولِ أحمدَ: لَيْسَ في السُّنَّةِ قياسٌ، وَلَا تُضرَبُ لها الأمثالُ، وَلَا تُدرَكُ بالعقلِ، وإنَّما هو الاتِّباعُ.
(وَلَا يَرِدُ الشَّرْعُ بِمَا يُخَالِفُ) العَقلَ اتِّفاقًا، إلَّا بشرطِ منفعةٍ تَزيدُ في العَقلِ على ذلك الحُكْمِ، كذبحِ الحيوانِ، والبطِّ (^٣)، والفَصدِ (^٤).

(^١) في (د): والقبيح.
(^٢) «العدة في أصول الفقه» (٤/ ١٢١٨).
(^٣) بَطَّ الجُرْحَ والصُّرَّةَ: شَقَّه. ينظر القاموس المحيط (ص ٦٥٩).
(^٤) فَصَدَ يَفْصِدُ فَصْدًا: شَقَّ العِرْقَ. ينظر: القاموس المحيط (ص ٣٠٦).

1 / 173