٢ - في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ (^١)، قال الجِبْلي (^٢): "وقولُه: "وَدُودٌ" له معنَيانِ، قيل: هو "فَعُولٌ" بمعنى "مَفْعُولٍ"، كحَلُوبٍ ورَكُوبٍ أي: مَوْدُودٌ، وقيل: هو "فَعُولٌ" بمعنى: فاعِلٍ، أي: يَوَدُّ عِبادَهُ الصالحين، ومنه: شَكُورٌ لِعَبْدِهِ على عَمَلِهِ، والعَبْدُ شَكُورٌ لِنِعَمِ رَبِّهِ، ومنه: اللَّهُ تَوّابٌ على عبده، وعَبْدُ اللَّهِ تَوّابٌ إلى رَبِّهِ مِن ذَنْبهِ". اهـ، وهذانِ المَعْنَيانِ ذكرهما الزَّجّاجِيُّ في كتابه: اشتقاقُ أسماءِ اللَّه (^٣).
وأمّا الفارسيُّ فمن أمثلة ما نَقَله الجِبْليُّ عنه:
١ - في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ (^٤)، قال الجِبْلي (^٥): "وقرأ ابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ عن عاصم: ﴿نُجِّي﴾ بنونٍ واحدة وتشديد الجيم، وجميع النَّحويِّين حَكَموا على هذه القراءة بالغلط وأنّها لحنٌ. . .، قال أبو عليٍّ الفارسي (^٦): هذا إنّما يجوزُ في ضرورة الشِّعر، وراوِي هذه القراءةِ عن عاصم غالطٌ في الرواية، فإنه قَرأ: ﴿نُنجِى﴾ بنونَيْنِ كما رَوَى حَفْصٌ عنه، ولكن النونَ الثانية من ﴿نُنْجِي﴾ تخفَى مع الجيم، ولا يجوز تبيينُها، فالتبس على السامع الإخفاءُ بالإدغام فظَنَّ أنه إدغام، ويدلُّ على هذا إسكانُه الياءَ من ﴿نُجِّي﴾ ونَصْبُ قوله: ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾، ولو كان على ما لم يُسَمُّ فاعلُه ما سكن الياء، ولَوَجَبَ أن تُرفَع ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ ".
٢ - في قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (^٧)، قال
(^١) البروج ١٤.
(^٢) البستان ٤/ ٣٧٠.
(^٣) ص ١٥٢.
(^٤) الأنبياء ٨٨.
(^٥) البستان ١/ ٢٠٤.
(^٦) الحجة ٣/ ١٦٠، ١٦١، وينظر: المسائل البغداديات ص ٣٦٩.
(^٧) النور ٣١.