184

Al-burhān fī wujūh al-bayān

البرهان في وجوه البيان

Investigator

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

Publisher

مكتبة الشباب (القاهرة)

Publisher Location

مطبعة الرسالة

Genres

(يجزيك أو يُثني عليك َ فإنَّ من ... أثنى عليك بما فَعلتَ فقد جزى)
ويروى أن رسول الله ﷺ سمع هذين البيتين فقال: قال لي جبريل عن الله: "من أسديت إليه يا محمد معروفًا فكافأك فذلك، وإن عجز وأثنى عليك فقد كافأك".
وقد قال أمير المؤمنين ﵇: "كفران النعمة لؤم، وصحبة الأحمق شؤم". وقد يستعمل الناس الحمد في موضع الشكر، وبينهما من الفرق ما أنا ذاكره: وهو أن الحمد أعم من الشكر، لأن الشكر إنما هو الثناء بالفعل الجميل الذي قد وصل إليك نفعه، والحمد الثناء بالفعل الجميل، وإن لم يصل إليك نفعه، ألا ترى أنك تحمد الرجل في صواب منطقه، وتحمد السيف في مضي ضريبته، والفرس في سرعة عدوه، ولا تشكر شيئًا من ذلك، وتشكر الله سبحانه على نعمته، وتشكر الرجل على معروفه، فهذا فرق ما بين الحمد والشكر.
وأما حفظ السر والمنفعة به: فإنه سبب لنيل كل مطلوب، والاحتراس من كل مرهوب، ولذلك قال رسول الله ﷺ: "استعينوا على نجح حوائجكم بالكتمان، فإن لكل ذي نعمة حاسدًا". وقال ﵇ "من كتم سره ملك أمره" وأوصت الأئمة ﵈ بكتمان أسرارها؟ وما أترى من ذلك من وصايا القدماء والحكماء في تحصين الأسرار وكتمان من الأشرار كثير لا يحتمله كتابنا، وليس كتمان السر من سائر الناس محمودًا لأن الإنسان إذا كتم سره من نصيحة وذي الثقة عند أخطأ الرأي من جهتين:

1 / 231