Al-ʿarsh wa-mā ruwiya fīhi
العرش وما روي فيه
Editor
محمد بن خليفة بن علي التميمي
Publisher
مكتبة الرشد
Edition
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
الرياض
Genres
Creeds and Sects
وَقَالَ ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ١، فَاللَّهُ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَرَى كُلَّ شيء في السموات والأراضين، وَيَعْلَمُ وَيَسْمَعُ كُلَّ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ، لَا الْحُجُبُ الَّتِي احتجب بها عن خَلْقِهِ تَحْجُبُهُ مِنْ أنْ يَرَى وَيَسْمَعَ مَا فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى٢، وَلَكِنَّهُ خَلَقَ الْحُجُبَ وَخَلَقَ الْعَرْشَ كَمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِمَا
١ سورة طه، الآية: ٥.
٢ إن الله ﷾ مع استوائه على عرشه واحتجابه عن خلقه فهو لا يخفى عليه مثقال ذرة، قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سورة يونس، الآية: ٦١]، وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سورة سبأ، الآيتان: ٢- ٣] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٦/ ١٥) في معرض كلامه على الحجب: "وأما حجبها لله عن أن يرى ويدرك فهذا لا يقوله مسلم، فإن الله لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وهو يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة السوداء، ولكن يحجب أن تصل أنواره إلى مخلوقاته كما قال ﷺ: "لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه" فالبصر يدرك الخلق كلهم، وأما السبحات فهي محجوبة بحجابه النور أو النار".
1 / 289