وأسرتهم الشهوات واستعبدتهم ففيهم الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند معاينة الموت إن لم يتداركه الله بلطفه وتوفيقه فيستشفي بشفاء الوحي ويصحو بقوارعه ويفيق فينيب إلى ربه فحينئذ يعرف حاله وينظر إلى أبناء الدنيا مصروعين حوله يمينًا وشمالًا على اختلاف طبقاتهم وشدة انهماكهم فمنهم من أطبق به الجنون ومنهم من يفيق أحيانًا وتصرعه شهواته وأطماعه وأغراضه أحيانًا فإذا أفاق أبصر الحق أو بعضه فعمل بعمل أهل العقل واليقين وإذا انتابته أغراضه وانصرع بها عمل ما يتلقه ويشقيه في الدنيا والآخرة.
فلهذا تجد أهل المخالفات للشريعة يعملون ما يخالف العقل الصريح والذوق السليم بحيث لو شرع وفرض عليهم وحثهم الوعاظ على فعله لاستنكروه وقالوا هذا خرافة - هذا فعل وحشي - فلو أمروا مثلًا بالزنى لقالوا:
كيف ذلك وجميع بنات آدم أخوات لنا وعلى الأخص المسلمات؟ كيف يكون الإنسان كالحيوان ينزوا على أخته ثم يعقبه الآخر؟ أين العفة؟ أين الصيانة؟ أين المصونة؟
ولكن سكر الهوى وصرع الشيطان يدفعانه إلى عكس الحقيقة فيتعشق الخبيث النجس مقتديًا بالجعل من حيث لا يشعر.
وكذلك لو فرض عليه شرب أي نوع من أنواع الخمر