101

Cuthmaniyya

العثمانية

Investigator

عبد السلام محمد هارون

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

1411 AH

Publisher Location

بيروت

على الإخلاص، وثلج صدره بالإيمان، ولكن عزمه كان منقوصا عن التمام، من غير أن يكون ذلك عصيانا ولا خلافا. ويدلك على ذلك قول الله: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان﴾. ولذلك قال النبي - صلى الله عليه - لعمار: "إن عادوا فعد". يريد بن التوسعة والرخصة والإطلاق، وليس على الأمر والترغيب. وكما بلغك عن الرجلين الواردين على مسيلمة، حين قال لأحدهما: أتعلم أني رسول الله؟ قال: نعم. قال: أفتعلم أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فأمر به فقتل، وقال للآخر: أتعلم أني رسول الله؟ قال: نعم، قال: فتعلم أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بتخلية سبيله. فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه - قال: أما الأول فمضى على عزمه ويقينه فهنيئا له، وأما الثاني فأخذ برخصة الله فلا تبعة عليه. فعلى هذا المثال كان تقصير القوم، لا على وجه الخلاف والمعصية. وذلك أن أبا بكر أقام بمكة ما أقام النبي ﷺ، وهاجر الناس الأول فالأول، فبعض أتى المدينة، وبعض أتى الحبشة، حين اشتد عليهم البلاء وطال الذل وقل الناصر، وقويت الضغائن، فكان النفر بعد النفر، والرجل بعد الرجل، يستأذن النبي ﷺ في الهجرة فيأذن له. وأقام أبو بكر وحيدا لا أنيس له، وذليلا لا ناصر له، وخائفا لا أمان معه، في كل يوم يزدادون عليه قوة ويزداد عنهم ضعفا فإذا بلح وبلغ المجهود، ولم يبق في قواه فضل يستعين به على الصبر، استأذن النبي ﷺ في المضي إلى إخوانه واللحاق بهم،

1 / 104