Akhlaq Wa Siyar

Ibn Hazm d. 456 AH
60

Akhlaq Wa Siyar

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

Investigator

بلا

Publisher

دار الآفاق الجديدة

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

Publisher Location

بيروت

فَكيف إِذا أضيف إِلَى الْفلك الْمُحِيط فتفكر فِيمَا قَالَ ابْن السماك للرشيد وَقد دَعَا بِحَضْرَتِهِ بقدح فِيهِ مَاء ليشربه فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَو منعت هَذِه الشربة بكم كنت ترْضى أَن تبتاعها فَقَالَ لَهُ الرشيد بملكي كُله قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَو منعت خُرُوجهَا مِنْك بكم كنت ترْضى أَن تَفْتَدِي من ذَلِك قَالَ بملكي كُله قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أتغتبط بِملك لَا يُسَاوِي بولة وَلَا شربة مَاء وَصدق ابْن السماك ﵀ وَإِن كنت ملك الْمُسلمين كلهم فَاعْلَم أَن ملك السود وَهُوَ رجل أسود رذل مَكْشُوف الْعَوْرَة جَاهِل يملك أوسع من ملكك فَإِن قلت أَنا أَخَذته بِحَق فلعمري مَا أَخَذته بِحَق إِذا اسْتعْملت فِيهِ رذيلة الْعجب وَإِذا لم تعدل فِيهِ فاستحي من حالك فَهِيَ حَالَة رذالة لَا حَالَة يجب الْعجب فِيهَا وَإِن عجبت بِمَالك فَهَذِهِ أَسْوَأ مَرَاتِب الْعجب فَانْظُر فِي كل سَاقِط خسيس هُوَ أغْنى مِنْك فَلَا تغتبط بِحَالَة يفوقك فِيهَا من ذكرت وَاعْلَم أَن عجبك بِالْمَالِ حمق لِأَنَّهُ أَحْجَار لَا تنْتَفع بهَا إِلَّا أَن تخرجها عَن ملكك بنفقتها فِي وَجههَا فَقَط وَالْمَال أَيْضا غاد ورائح وَرُبمَا زَالَ عَنْك ورأيته بِعَيْنِه فِي يَد غَيْرك وَلَعَلَّ ذَلِك يكون فِي يَد عَدوك فالعجب بِمثل هَذَا سخف والثقة بِهِ غرور وَضعف وَإِن أعجبت

1 / 70